غير مصنفة

القدس في ضمير الإمارات

ابن الديرة

تعبر دولة الإمارات عن نفسها وروحها وهويتها الوطنية والعربية والإسلامية حين تؤكد موقفها المبدئي تجاه فلسطين والقدس، فهذا الموقف جزء أصيل من سياسة الإمارات منذ تأسيس الدولة وإطلاق الاتحاد، ومنذ حدد والدنا وقائدنا وحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الإطار العام لهذه السياسة بثوابتها المعلومة مع وعي المتغيرات. دولة الإمارات، اليوم، في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تؤكد على هذا النهج الذي تمسكت به دائماً، وترجمته إلى دعم مستمر لقضية العرب الأولى وللأشقاء الفلسطينيين على الصعد كافة.
العنوان اليوم عزم الإدارة الأمريكية نقل سفارة واشنطن من «تل أبيب» إلى القدس، وفي بيان الإمارات ما يغني عن أي بيان، من استعراض التاريخ إلى وصف الحالة الراهنة، والتحذير من عواقب الخطوة في حالة الإقدام عليها، حيث القدس رمز عربي وإسلامي، وحيث نقل السفارة الأمريكية إليها، نحو تكريس الفكرة الشيطانية الرامية إلى جعلها عاصمة ل»إسرائيل» المغتصبة، يمثل فعلاً مناقضاً للرأي العام الدولي، ولحقيقة التاريخ والجغرافية قبل ذلك.
لم تتخل دولة الإمارات يوماً عن فلسطين وقلبها القدس، وقد أسهمت في حضور الصوت الفلسطيني في المحافل الدولية، واعتبرت مناصرة القضية الفلسطينية واجباً وطنياً وقومياً لا يقبل المساومة أو التأجيل.
ورأت الإمارات أن نقل السفارة إلى القدس الشريف يمثل مخالفة لكل القرارات الدولية، بالإضافة إلى التأثير البالغ المتوقع على مفاوضات الحل النهائي، ثم إن الإقدام على هذه الخطوة المتهورة لا يخدم المصالح الدولية وفي صميمها المصالح الأمريكية ذاتها.
القدس ليست عاصمة «إسرائيل» ولا يمكن أن تكون. القدس هي عاصمة فلسطين الموحدة، ولا يمكن لأمريكا أو غيرها شطب هذه الحقيقة الخالدة على الدهر بجرة قلم، لمجرد إرضاء اللوبي الصهيوني أو دولة الاحتلال المغتصبة التي تحوي شذاذ الآفاق من كل أصقاع الأرض، ولسوف تبقى القدس، تاريخاً وثقافة وحضارة وإرثاً وأثراً، شاهدة على عروبة فلسطين وعلى انتمائها الأكيد لمحيطها العربي والإسلامي.
القدس وفيها المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة، القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين، القدس منطلق معراج نبي الإنسانية المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلى. القدس أقرب نقطة من الأرض إلى السماء ستظل في سموها وزهوها وبهائها، محافظة على قداستها، ولن يسمح عربي أو مسلم أو إنسان منصف تتحقق فيه الإنسانية بتدنيس القدس أو تدنيس مسجدها الأقصى المبارك.
كما عبرت دولة الإمارات عن موقفها بكل صراحة ووضوح، فإن على كل الدول العربية والإسلامية، وعلى الضمير الإنساني في مطلق المعنى، وعلى كل المنظمات والمؤسسات تحديد الموقف الإيجابي المتضامن، والمضي أبعد من ذلك نحو التأكيد على أن اتخاذ الخطوة المشؤومة يؤثر سلبياً، وبما لا يقاس، في علاقة أمريكا مع العالمين العربي والإسلامي.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى