قضايا ودراسات

المشهد السوداني

فيصل عابدون

يطالب نواب الحزب الحاكم السوداني بتغيير بندين اثنين في دستور عام 2005، يسمح التعديل الأول بفترة رئاسية مفتوحة للرئيس عمر البشير بدلاً من فترتين رئاسيتين استنفذهما البشير بالفعل، بينما يمنحه التعديل الثاني الحق في عزل حكام الأقاليم المنتخبين في مناطقهم. وما لم تحدث تسويات في اللحظات الأخيرة مع الأحزاب الصغيرة المشاركة للحزب الحاكم فستتم إجازة التعديلين بالأغلبية داخل البرلمان.
ويبلغ عدد مقاعد البرلمان السوداني 481 مقعداً، ويحوز الحزب الوطني الحاكم 352 مقعداً بينما يشغل بقية المقاعد نواب الأحزاب الصغيرة المتوالية، وهو وضع يجعل التعديل الدستوري في حكم الأمر الواقع. لكن المشكلة التي تطرحها هذه الخطوة أن الأحزاب الموالية هددت بالفعل بمقاطعة الانتخابات المقررة في إبريل 2020، حال استخدم حزب الحكومة أغلبيته الميكانيكية لتمرير التعديلات.
هذه الأزمة الناشبة في الخرطوم بين الحكومة وأحزابها الموالية تأتي وسط مشهد سوداني تخيم عليه أزمة اقتصادية خانقة في الداخل، بينما يفيض بالحركة والحيوية في الخارج مع تعدد المبادرات الدولية والإقليمية بين الحكومة والأحزاب المعارضة والجماعات المسلحة في دارفور ومناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان الرامية لمعالجة أزمة البلاد الكبرى.
فألمانيا تستضيف اليوم الخميس وغداً الجمعة، اجتماعات بين وفد رفيع من الحكومة السودانية وقادة حركتي تحرير السودان، والعدل والمساواة بقيادة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم للتوقيع على اتفاق ما قبل التفاوض.
والجهود الألمانية ليست معزولة عن المساندة الأوروبية أو المتابعة الأمريكية والأممية بشكل عام وهي مع ذلك تتزامن أو أنها تتكامل إن شئنا الدقة، مع العودة المفاجئة لنشاط رئيس الوساطة الإفريقية ثابو مبيكي، في التقريب بين الفرقاء على الساحة السودانية. وينتظر أن تشهد العاصمة الإثيوبية الاثنين المقبل لقاء بين الحكومة وقيادات تحالف «نداء السودان» المعارض برئاسة رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب الأمة، الصادق المهدي ورئيس الوساطة الإفريقية بعد أن شهدت المدينة قبل أيام عدداً من اللقاءات بين مناوي وجبريل، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي والوسيط المشترك.
والمتوقع على نطاق واسع أن تطرح الحكومة خلال هذا الاجتماع تصوراتها للدستور والانتخابات، في مقابل أطروحات المعارضة التي تؤكد على أسبقية قيام المؤتمر الدستوري ومناقشة قضايا الحوكمة القومية وأسس تحقيق السلام الشامل. وتحدثت مصادر عن زيارة مرتقبة لمبيكي إلى الخرطوم خلال الأسبوعين القادمين لطرح مقترحات على الحكومة تتعلق باستئناف المفاوضات حول النيل الأزرق وجنوب كردفان.
ويتضح من كل ما سبق أن الإجراءات التي يقوم بها برلمان الخرطوم حالياً هي إجراءات متسرعة وسابقة لأوانها وربما تتصادم في بعض المراحل مع الجهود الجارية حالياً في أكثر من عاصمة وعلى أكثر من مستوى لتحرير الخلافات والاتفاق على بنود تتعلق بالمرحلة الانتقالية وتتضمن الدستور الجديد وطرق إجازته، وما إذا كان ذلك سيتم عبر التصويت في البرلمان الحالي أم يتم طرحه للاستفتاء الشعبي العام.

Shiraz982003@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى