غير مصنفة

المصالحة في غرفة الإنعاش

يونس السيد

بعيداً عن تمنيات الفلسطينيين، فإن المصالحة الوطنية تسير في الاتجاه المعاكس، بعد أن تولّد شعور لديهم أنها انهارت عملياً أو هي على وشك الانهيار، لولا سرعة تدخل الراعي المصري في اللحظات الأخيرة، ومنعه إعلان إشهار وفاتها، ما أدخلها في غرفة الإنعاش بانتظار ما ستسفر عنه الأيام القليلة القادمة.
ظهر ذلك جلياً في التراشق الإعلامي والتصريحات النارية والاتهامات المتبادلة بين حركتي «فتح» و«حماس»، والتي دفعت الراعي المصري إلى التدخل والتهديد بتحميل مسؤولية فشل المصالحة للطرف المعرقل، ما أدى إلى وضع حد للاشتباك الكلامي وتأجيل تسلم حكومة «الوفاق الوطني» للوزارات في قطاع غزة لمدة عشرة أيام، ريثما يتم التوصل إلى حلول للمشكلات العالقة. ويتمحور الاشتباك الكلامي الأخير حول دعوة حكومة «الوفاق» لموظفيها السابقين في الوزارات قبل عام 2007 للالتحاق بوزاراتهم، الأمر الذي رفضته «حماس» واعتبرته مخالفاً لاتفاق القاهرة، وقامت بمنع هؤلاء الموظفين من الدخول، بينما يدور الحديث حول إيجاد حل لمشكلة موظفي حكومة «حماس» البالغ عددهم نحو أربعين ألفاً، والذي قد يتسبب بكارثة اجتماعية في حال عدم حل هذه المشكلة، بحسب الفصائل العاملة في القطاع.
لكن لماذا انفجر هذا الخلاف حول مشكلة، لم تكن الوحيدة، ويفترض أن يكون قد جرى بحثها حلال اجتماعات القاهرة؟ ثمة من يعتقد أن هناك ضغوطاً كبيرة تمارس على حكومة «الوفاق» لعدم إشراك موظفي «حماس» تحت طائلة التهديد بعدم التعامل معها، وليس أدل على ذلك من منع سلطات الكيان «الإسرائيلي» للدبلوماسيين السويسريين من دخول القطاع «حتى إشعار آخر» بتعليمات من وزير الحرب افيغدور ليبرمان، وذلك على خلفية لقاء عدد من هؤلاء بمسؤولين من «حماس»، مع أن الكثير من المتابعين يعلمون أن الحضور السويسري يرتبط بملف الموظفين، حيث كانت سويسرا قد قدمت ورقة خاصة تحمل تصوراً عن كيفية حل هذه الأزمة.
هناك الكثير من العقبات والقضايا العالقة، التي تتعلق بالأمن والمعابر والجباية وإدارة الحياة اليومية في القطاع، والتي يعمل الراعي المصري على حلها، لكن يبدو من التسريبات المنسوبة لمصادر سياسية فلسطينية أن هناك انزعاجاً مصرياً من تواصل مسؤولين في السلطة مع دولة قطر في محاولة لجعلها تتكفل بدفع رواتب موظفي حكومة «حماس». على أي حال، يبدو أن الراعي المصري تدخل بقوة للتهدئة ووقف التصعيد، ريثما يتم إيجاد حلول لهذه المشاكل أو تسمية الأشياء بأسمائها، فيما يبدو أن حكومة «الوفاق» لم تتراجع نهائياً عن قرارها بقدر ما تحاول كسب الوقت لمعرفة اتجاهات الرياح القادمة.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى