النظام السوري (في التأني السلامة وفي العجلة الندامة)
محمد سعيد القبيسي
رسالة النظام السوري للجامعة العربية والمجتمع الدولي الان هي (في التأني السلامة وفي العجلة الندامة)، وقد اكدها وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمره الصحفي الذي عقده قائلا ( ان بلاده لا تعتبر المدة المحددة من قبل الجامعة هي الاساس ….. ولذلك ضعوا المدة على جنب اذا كانت النوايا سليمة)، اي لا نريد مهل حاليا، ونحن سنحدد متى هو الوقت المناسب، وقد لاياتي هذا الوقت ابدا.
بمعنى اخر ان المعلم يريد اكتساب الوقت ليتمكن النظام من قمع هذه الثورة او هذا مايأملون، حيث ان عامل الوقت ليس في صالح الشعب السوري فالنظام يقوم بقتل اكثر من 30 شخصا يوميا والاستمرار يوما بعد يوما يزيد حصيلة القتلى والجرحى من الشعب، وتشريد للعائلات والاطفال ونزوحهم للبلدان المجاورة، والاستمرار في قمعه حتى يرضخ الى مايريدون. وقال ايضا ان (الوضع لايحتمل التسرع ولايحتمل رد الفعل، بل يحتاج الى دراسة عقلانية متأنية)، فتذكرت جملة الرئيس السوري بشار الاسد في اولى خطاباته بعد قيام التظاهرات التي قال فيها (يجب الاصلاح بسرعة ولكن دون تسرع)، فاذا كان النظام السوري يدعو الى الدراسة، والعقلانية والتأني، فاين هي الدراسة لتقييم الوضع ومعرفة اسباب قيام هذه التظاهرات والاحتجاجات ومعالجتها بالطريقة الصحيحة، واين هي العقلانية والتاني عندما قامت قوات الامن والجيش في استخدام القوة والعنف ضد المتظاهرين، بل كان عامل الوقت مهما لديهم في سرعة قمع المتظاهرين واخماد الثورة، وبما ان الرياح تأتي بما لاتشتهي السفن، وكرد فعل طبيعي للشعب في الدفاع عن نفسه، فقد ازدادت رياح الثورة قوة واصرارا ضد سفينة النظام، حتى باتت ساكنة لاتبرح مكانها، ولم يبقى امامها غير الرجوع او الغرق، فاستنفد فرصة الرجوع التي فات اوانها ولم يبقى الا الغرق.
ووصف المشهد بانه ليس ( في حالة حرب ولا في حرب اهلية، نحن عمليا في مواجهة جماعات مسلحة تعتدي على المواطنين وقوات حفظ النظام والجيش)، ان النظام السوري في حالة حرب غير متكافأة مع شعبه الاعزل، اما بخصوص الجماعات المسلحة التي يقصدها وتعتدي على المواطنين فهي جماعات الشبيحة التي يستخدمها النظام نفسه ضد الشعب، والتي يدور حديث عن بدء انقسامات بداخلها فاصبحت في حالة هجوم عكسي على ماتبقى من قوات حفظ النظام والجيش الموالي له، وهي التي استفسر عنها النظام لدى الجامعة العربية في سؤاله من هم الشبيحة؟ وكانه لايعلم من هم!!!
الامر الاخر ان الرئيس السوري بشار الاسد قال في مقابلة صحفية نشرتها صنداي تايمز ان بلاده لن ترضخ لاي ضغوط دولية وابدى استعداده الكامل للقتال والموت من اجل سوريا….. وان نظامه يفرض احترام القانون في مواجهة العصابات المسلحة.
لو افترضنا ان هناك عصابات مسلحة على حد قوله، وجميعنا نعلم بان سوريا كانت قبضتها الامنية قوية وتمتلك جيش قوي ، فكيف استغرقها محاربة هذه العصابات لأكثر من 8 اشهر ، و التي الى الان لم تستطع السيطرة عليها، وايضا فشلها في حماية الشعب من هذه العصابات المسلحة، فاذا كان النظام لايستطيع صد هذ المجموعات ولا القدرة على حماية الشعب منها، فالاولى ان يقوم بالتنحي وتسليم السلطة لمن هو أكفأ منه للقضاء عليها، فنظرية المؤمرات والخطط المحاكة ضده والهتافات والشعارات في تحرير الاراضي المحتلة، واحتضان الاحزاب المختلفة، ، لم تكن الا ستاراً يختبيء تحته ويدعم بقاءه في السلطة، والآن بدأت تتكشف الامور وتخرج الأسرار.
ان الجامعة العربية ممثلة باعضائها تسعى الى وقف نزيف الدم السوري، واعمال العنف
من قبل النظام، والاستجابة الى النداءات الشعبية نحو التغييرات والاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يتطلع اليها، وليس (لاركاع سوريا) كما يقول الرئيس السوري، ولن تتحقق هذه المطالب الا بتحقيق الثورة لاهدافها التي قامت من اجلها وهي تنحي الرئيس واسقاط النظام.
وفي النهاية فلا مفر من المصير المحتوم للسقوط في ايدي الشعب، فالمسألة الان هي مسألة وقت لا اكثر، والنظام الان يمر في مرحلة ما قبل الخلع وهي المرحلة التي ذكرتها في مقال سابق لي مرحلة ماقبل الخلع والتي تصور المرحلة التي تمر بها الانظمة قبل خلعها، وهي مرحلة ازدياد التخبط و الشك فيمن حولهم والخوف من القادم واتخاذ القرارات التي لايمكن تنفيذها، وبالتالي لا سبيل الا الى الاستسلام للقدر كما فعل الذين من قبله والذي سنراه قريبا جداً.