غير مصنفة

الهجرة تؤرق العالم

إدريس الجزائري*

هناك اليوم واقع لا جدال فيه، هو تزايد أعداد البشر الذين يتنقلون عبر حدود الدول نتيجة للعولمة.
على المستوى العالمي، يتنقل 15% من سكان الكوكب بين بلدان العالم اليوم. بكلمات أخرى، من بين سكان العالم البالغ عددهم 7 مليارات، هناك حوالي مليار يتنقلون. ويحدد 740 مليون شخص على أنهم نازحون داخل بلدانهم الأصلية، بينما هناك أكثر من 244 مليون مهاجر دولي عبروا الحدود – إلى المجهول في معظم الأحيان. وأخيرا، هناك 22.5 مليون لاجئ – بينهم 5.3 مليون فلسطيني – مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين باعتبارهم لاجئين اضطروا إلى الفرار من مجتمعاتهم الأصلية نتيجة للعنف والنزاعات المسلحة.
والعقدان الأولان من القرن الحادي والعشرين سيدخلان التاريخ باعتبارهما الفترة التي شهد العالم خلالها أضخم حركة انتقال بشر وأكثرها تعقيداً منذ الحرب العالمية الثانية.
ومع أنه بإمكاننا استنتاج أن حركة انتقال البشر عبر العالم هي جزء من الطبيعة الإنسانية، إلا أن حركة انتقال البشر غير المسبوقة اليوم أوجدت تحديات جديدة طارئة تتطلب اهتماماً وعملاً عاجلين.
وتدفق أناس لاجئين ومهاجرين إلى أوروبا كان حجة استغلتها أحزاب وحركات شعبوية من أجل إثارة كره الأجانب، بخاصة الإسلاموفوبيا. وفي بلدان الشمال، أخذت تبنى جدران وتمد أسيجة في محاولات لمنع النازحين والمهاجرين من بلوغ بلدان يقصدونها، ولتجريم المهاجرين واللاجئين. ومع أن أعداد الناس النازحين الذين يصلون إلى أوروبا لا يزيدون سكان أوروبا بأكثر من 0.2%، إلا أن التضامن الإنساني والعدالة اهتزا بفعل الخوف من الآخر.
وعلى الجانبين الشرقي والجنوبي للبحر المتوسط، سعى ملايين الناس إلى إيجاد ملاذ وحماية. وقد وجدوا مأوى في المنطقة العربية، بينما دول الشمال «علقت» أو تنكرت لحرية الحركة بالنسبة للناس النازحين والمهاجرين. وفي الوقت الراهن، يوفر لبنان ملجأ وحماية لحوالي مليون إنسان نازح، في حين أن الأردن آوى 1،2 مليون لاجئ. ومع أن العراق ومصر يواجهان مشكلات داخلية، إلا أنهما يستضيفان 240 ألف شخص و120 ألف شخص على التوالي. وبالمثل، وفرت تركيا ملجأ لحوالي 3 ملايين لاجئ، خصوصاً السوريين. باختصار، الجزء الأكبر من عبء استضافة وتقديم مساعدة وحماية لأناس نازحين ومهجرين وقع على عاتق بلدان في الأنحاء الأقل تقدماً من العالم، بالرغم من واقع أنها كثيراً ما تفتقد للموارد اللازمة للتعامل مع احتياجات هؤلاء البشر.
فكيف يستطيع العالم أن يتعامل بصورة موحدة مع تزايد أعداد سكانه وانعدام العدالة الاجتماعية في مجتمعاتنا المعاصرة في ما يتعلق بحركة انتقال البشر ؟.
قالت الشاعرة البريطانية – الصومالية ورسان شرى، تعليقاً على تزايد أعداد الناس الذين يهلكون يومياً خلال رحلاتهم الخطرة عبر البحر المتوسط: «لا أحد يضع أطفاله في زورق إلا إذا كان البحر أكثر أماناً من البر».
وحسب منظمة الهجرة العالمية، فإن عدد المهاجرين الذين قضوا خلال رحلاتهم عبر المتوسط في 2017 زاد عن 2950 شخصاً. ومع ذلك، فإن مهاجرين يخاطرون بأرواحهم سعياً للأمان والحماية.
فكيف يمكن التغلب على هذا التهديد ؟. إننا نحتاج للعودة إلى مناخ يكون فيه التنوع مقبولاً ومرحباً به. ويجب أن تعمل بلدان العالم من أجل ضمان المساواة والحقوق لجميع الناس بمعزل عن أديانهم، وثقافاتهم، وأعراقهم، وخلفياتهم القومية. والمجتمعات التي تحرص على احترام الكرامة الإنسانية هي التي ستكون على الأرجح الرابحة على المدى الطويل.

*المدير التنفيذي لمركز جنيف لحقوق الإنسان – موقع وكالة «إنتر برس سرفيس» (آي بي إس)


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى