اليوم العالمي للقصة القصيرة

يوسف أبو لوز
صادف أمس، اليوم العالمي للقصة القصيرة.. الجنس الأدبي الذي عرفه العرب بنظامه الفني المعاصر منذ أقل من قرن على الرغم مما يقال دائماً إن للقصة القصيرة مرجعيات وجذوراً في التراثيات الأدبية العربية الكلاسيكية، وفي أقل من قرن أيضاً بدا أن هذا النوع من الأدب قد أصبح في خانة اليتم أو أنه في طريقه إلى الانقراض. وأوضح ما يوافق هذا الرأي تلك الندوة التي أحياها عدد من النقاد العرب قبل سنوات في العاصمة الأردنية عمّان وكان محورها القصة القصيرة، وفي تلك الندوة أعلن النقاد أن القصة القصيرة ماتت، وكأنهم مجموعة من الأطباء يتحلقون حول مريض هو بين الحياة والموت.
اليوم العالمي للقصة القصيرة، أيضاً، مناسبة ملائمة للحديث عن الجيل القصصي الإماراتي «الثمانيني» بشكل خاص ومحدد، ففي تلك الفترة الذهبية بحق كانت القصة القصيرة هي سيدة المشهد الثقافي في الإمارات، وعلى الرغم من أن الشعر الإماراتي سجل هو الآخر زمنه الذهبي، إلا أن القصة القصيرة كانت أكثر حضوراً من الشعر، وآنذاك سوف نقرأ لسلمى مطر سيف، ومريم جمعة فرج، وصالحة غابش، وظبية خميس، وناصر جبران، وأمينة بوشهاب، وناصر الظاهري، وإبراهيم مبارك، وسعيد الحنكي، وجمعة الفيروز، وعبدالرضا السجواني، وعبد الحميد أحمد، وقبل ذلك كانت الريادة الحقيقية في فن القصة للكاتب الإماراتي عبد الله صقر الذي أصدر في السبعينات أول مجموعة قصصية في الإمارات، وكان أيضاً آنذاك قد كتب «بدايات» في قصيدة النثر، لكنه سرعان ما ترك حقل الثقافة، ليذهب إلى حقل الرياضة مدرباً في فترة من حياته الرياضية للمنتخب الإماراتي لكرة القدم.
أولاً.. ليعذرني مَنْ نسيت اسمه أو اسمها في مدونة كتاب وكاتبات القصة القصيرة في الإمارات، فالعدد كبير، والنتاج القصصي الإماراتي في الثمانينات وفي التسعينات كبير هو الآخر.. الأمر الذي حدا باتحاد كتاب وأدباء الإمارات إلى تنظيم ندوة نقدية قبل حوالي ربع قرن من الآن في الشارقة وكان محورها القصة القصيرة في الإمارات، وأحيا تلك الندوة نجوم في الأدب والكتابة العربية مثل جبرا إبراهيم جبرا، ورمضان بسطاويسي، ومحمد جمال باروت.
كان، آنذاك، صف آخر من الكتاب العرب المقيمين في الإمارات يعاضد أو يناظر أقرانه القصاصين الإماراتيين مثل جمعة اللامي، ونواف يونس، وعزت عمر، وشهيرة أحمد إلى جانب آخرين أيضاً لهم كل الاحترام على الجهد الأدبي المشترك الذي بذلوه إلى جانب أقرانهم الإماراتيين الذين رحبوا كل ترحاب بهذه الحيوية الأدبية النشطة في القصة القصيرة، وأيضاً في الشعر.
بمناسبة اليوم العالمي للقصة القصيرة نعيد السؤال الذي يحمل في داخله الحنين والرجاء معاً.. وهو: أين ذلك الجيل القصصي الإماراتي الثمانيني اليوم؟ وهل نشهد مثلاً عودة قريبة للقصة القصيرة بأقلام أولئك الكتاب القدامى الذين لهم دور منظور في تأسيس و«تأثيث» الساحة الثقافية الإماراتية مبكراً.. ولكن هؤلاء كلهم تقريباً توقفوا عن الكتابة.. البعض أخذته مشاغله اليومية، والبعض أخذته الصحافة، والبعض لاذ بالصمت أو بالهامش.. وما عاد له أي حضور ثقافي أو أدبي.. فمتى نبدأ زمناً ذهبياً من جديد؟
yabolouz@gmail.com