انتصار غزة
عوني فرسخ
كان قرابة 15 من نخبة المستعربين الصهاينة بقيادة عميل عربي الهوية دون الانتماء، قد تسللوا إلى خان يونس في جنوبي قطاع غزة المحاصر وهدفهم اختطاف أحد رموز الفصائل للحصول منه على معلومات عن أسرى العدو عند الفصائل، وعن قدراتها العسكرية، وعن الأنفاق التي أعدتها لمواجهة أي غزو متوقع، وكان أن وقعت المجموعة في كمين، ولإنقاذها من التصفية والأسر باشر العدو بقصف منطقة تسللهم بالصواريخ بحيث تمكنوا من الإفلات، وإن كانوا قد كشفوا.
وفضلاً عن نجاح الفصائل في إفشال مهمة الغزاة وإجبارهم على الانسحاب بعد مقتل قائدهم العميل، استهدفت مستوطنات غلاف القطاع وأعماق الأرض المحتلة بقصف صاروخي بلغ ذروته باستهداف عسقلان المحتلة بأحد الصواريخ المدمرة، كما تم استهداف حافلة للجيش «الإسرائيلي» بصاروخ «كورنيت» للمرة الأولى.
وكان في مقدمة نتائج إنجازات الفصائل إقدام ليبرمان على تقديم استقالته من حكومة نتنياهو احتجاجاً على ما اعتبره فشلاً في مهمة المجموعة الغازية وعجزها عن استكمال الخطة التي انتدبت لأدائها. وليس هذا هو الفشل الأول ل«إسرائيل» على قطاع الصمود والمقاومة، إذ تكرر فشل العدوان على القطاع منذ العام 2008 وفي البرهنة على التطور الكيفي لقوى الفصائل يذكر عدد من المحللين السياسيين والعسكريين أن العدوان على جنوبي لبنان عام 2006 فشل بعد 33 يوماً، والعدوان قبل الأخير على قطاع غزة فشل بعد 22 يوماً، بينما فشل العدوان الأخير على القطاع خلال أقل من أسبوع. وهو فشل أسهم فيه ثلاثة عشر فصيلاً مقاوماً.
ويلاحظ أكثر من محلل سياسي وعسكري أنه في الوقت الذي توالت فيه إبداعات مواطني القطاع في تقديم ما فاجأ قيادات العدو وجمهوره وأذهلهم، مثال الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، وتوالي مسيرات العودة كل يوم جمعة شاملة عشرات آلاف المؤكدين على حق العودة والمطالبين بفك الحصار، منذ الاحتفال بذكرى يوم الأرض في الثلاثين من آذار / مارس الماضي، بمشاركة عشرات الآلاف دون أن يفت عضد مواطني القطاع. تساقط الشهداء والجرحى. ولقد شهدت مستوطنات غلاف قطاع غزة، في أعقاب فشل العدوان الأخير مظاهرة صاخبة احتجاجاً على وقف المواجهة دون استكمال المهمة التي انتدبت لأدائها نخبة المستعربين. متجاهلين ما أقدمت عليه قيادتهم العسكرية من قصف صاروخي لموقع تلك النخبة لإنقاذها من التصفية والأسر. ذلك أن قراءة موضوعية لما صدر، ولا يزال، عن قيادات التجمع الصهيوني تدل بوضوح تام على أن زمن العدوان المجاني على المحيط العربي، وزمن يد «إسرائيل» الطولى قد ولى بعد أن باتت مغلولة اليد ومحدودة الفعالية وغدت الصواريخ تطال أعماق الأرض المحتلة.
وإن قراءة موضوعية لما يصدر عن قادة الاحتلال، خاصة ما تنشره القناة العاشرة، يدل على أن القيادات السياسية والعسكرية الصهيونية غدت تحسب حساباً دقيقاً لأي عدوان على القطاع، بل إن «إسرائيل» لم تعد محكومة بردع متبادل في شمال الأرض المحتلة وجنوبها فقط، بعد أن غدا جلياً أن الزمن منذ سبعينات القرن الماضي لا يسير لصالحها.
admin@afcocpa.ae