قضايا ودراسات

«بريكست».. طلاق بالإكراه

يونس السيد

ماراثون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست» وصل إلى نقطة اللاعودة؛ بعد موافقة وزراء الاتحاد الأوروبي المعنيين على مسودة الاتفاق، وإصرار رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على المضي قدماً؛ لكنه لا يزال مملوءاً بالتحديات الداخلية والأوروبية، التي قد يدفع تطبيقها إما إلى الارتطام بالصخور ومواصلة التفاوض، أو إلى الطلاق دون اتفاق؛ وهما خياران أحلاهما مر.
وكي لا نستبق الأمور؛ لا بد من انتظار نتائج القمة الأوروبية الأسبوع الحالي؛ لمعرفة اتجاهات الرياح؛ لكن ذلك لا يمنع من القول: إنه حتى في حال مصادقة القمة رسمياً على مسودة الاتفاق، دون أي تعديلات أو عراقيل؛ فإن الأمور لم تحسم بعد؛ ذلك أن الاتفاق يحتاج إلى موافقة البرلمانات الأوروبية، وقبلها مجلس العموم البريطاني؛ وهي موافقات ليست مضمونة في كل الأحوال. اللافت هنا؛ هو الضغط الهائل والمتصاعد، الذي يواكب عملية التفاوض، قبل إصدار «الإعلان السياسي» المُرتقب، سواء في الداخل البريطاني أو على الصعيد الأوروبي، فتيريزا ماي، التي تقود حكومة منقسمة ومفككة؛ بعد استقالة نحو سبعة وزراء فيها، لا تزال تواجه ضغوطاً شديدة من داخل حزبها، ومن المعارضين أصلاً لعملية «بريكست»، وهي مهددة بخسارة منصبها في حال إجراء اقتراع على الثقة.
إذ بحسب بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني السابق، فإن «الاتفاق لا يغطّي إحراجنا من هزيمة تامة»، وأوردت تقارير صحفية بريطانية، أن معارضي ماي يحتاجون 6 رسائل؛ لبلوغ الحدّ القانوني لتنظيم اقتراع على سحب الثقة منها، مشيرة إلى أن 42 نائباً من حزب المحافظين الحاكم، قدّموا تأكيدات بأنهم سلّموا رسائل إلى «لجنة 1922» في الحزب؛ بهدف سحب الثقة منها، علماً أن الأمر يتطلّب تسليم 48 رسالة.
وهناك على الصعيد الأوروبي انتقادات وتهديدات بالعرقلة من جانب بعض الدول؛ ففرنسا مثلاً كانت ترغب في نتيجة أفضل حول ملف الصيد؛ لكنها لم تجعل منه قضية خلافية. غير أن إسبانيا هددت بوضوح بأنها ستصوت ضد الاتفاق إذا لم يتضمن إجراء مفاوضات بينها وبين بريطانيا حول مستقبل جبل طارق، وهو جيب مساحته نحو سبعة كيلومترات مربعة، تديره بريطانيا في جنوب إسبانيا.
ويبدو أن هذا الأمر سيذهب باتجاه العرقلة؛ بعدما أصرت تيريزا ماي في مفاوضات أجرتها مع نظيرها الإسباني بيدرو سانتشيثن على أن الاتفاق سيطبق على ما تعده من أراضي المملكة المتحدة بالكامل، بما فيها منطقة جبل طارق.
وهناك أيضاً خلافات بشأن تمديد المرحلة الانتقالية بعد «بريكست»؛ لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد؛ إذ إن المرحلة الانتقالية الحالية تستمر حتى نهاية عام 2020؛ إلا أن كبير مفاوضي الاتحاد في ملف «بريكست» ميشال بارنييه اقترح تمديدها لعامين.
علاوة على كل ذلك، فإن «بريكست» قد لا يحدث مطلقاً، بحسب وزير المالية البريطاني، فيليب هاموند؛ وذلك في حال رفض برلمان بلاده المصادقة على الاتفاق، الأمر الذي سيؤدي إلى وضع سياسي فوضوي.

younis898@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى