تجميد الرسوم الاتحادية
ابن الديرة
قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، تجميد الرسوم الحكومية الاتحادية لمدة ثلاث سنوات، ينطق بالحكمة وبعد النظر، ودقة تحليلية شديدة الواقعية للوضع الاقتصادي الاجتماعي للبلاد، الحالي والمستقبلي، ويعزز الثقة بقيادة البلاد، ويؤكد مجدداً وللمرة المليون ارتباطها بشعبها، وإحساسها بأوجاعه وتطلعاته وأمنياته، وحرصها غير المحدود على توفير مقومات أفضل حياة له.
تجميد الرسوم الحكومية الاتحادية لثلاث سنوات مقبلة، يعني الكثير في النشاط الاقتصادي، من حيث تشجيع الاستثمار، وتعزيز مسيرة النمو الاقتصادي، ودعم الإنتاج الصناعي والزراعي وتوسيع التبادل التجاري وتنشيط حركة التداول في الأسواق، وتهيئة البيئة المنافسة لمزيد من التنافسية وتنشيط حركة الاستثمار، بما يخلق عند الجميع اطمئناناً بعدم ارتفاع الرسوم الاتحادية على مختلف الأنشطة، ما يؤدي إلى تحريك العجلة الاقتصادية البطيئة.
واقتصاد الدولة القوي ينعكس على قراراتها ومواقفها إقليمياً ودولياً، ويرفع من قيمة أسهمها في بورصة العلاقات الدولية التي تتجاذبها المصالح صعوداً وهبوطاً، لكن دولة الإمارات العربية المتحدة تصر على أن تضيف عامل المبدئية والشعوبية والوطنية عوامل إضافية أساسية لا بد منها لتحقيق النجاحات على الصعيد العالمي والمحافظة عليها، وتطويرها إلى الأمام.
خلال قيادته المباركة للحكومة، نجح محمد بن راشد على مدى سنوات متتالية في تحقيق توازن الميزانية الاتحادية، الإيرادات والنفقات، تدريجياً، من خلال تغطية الوزارات والهيئات والدوائر الحكومية الاتحادية لنفقاتها، بحيث لا تحمل الحكومة أعباء إضافية تبذلها في مجال توفير الحاجات الأساسية للمواطنين من مساكن تليق بهم، وخدمات تعليمية وصحية عالية المستوى، وبنية تحتية حديثة تضاهي العالمية.
وكان لسموه ما أراد، حيث تنعم الإمارات باستقرار مالي في كل جهات العمل وعلى جميع المستويات، ما يتيح للجهات الحكومية تحقيق توازن ميزانياتها من دون اللجوء إلى رفع الرسوم، كما يتيح للمستثمرين خفض التكلفة الفعلية لمشروعاتهم الإنتاجية والتجارية والخدمية، فإذا كانوا صادقين مع أنفسهم ومجتمعهم، سيلجؤون إلى خفض الأسعار قليلاً، تخفيفاً عن محدودي الدخل.
والسمعة الاقتصادية الحسنة على مستوى دول العالم لا تتشكل بمدى غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، لكن الدولة تحتل الصدارة الإقليمية والعالمية بقدرتها على استيعاب محدود ومتوسط وعالي الدخل، يعيشون بلا تأفف ولا تذمر، لأن متطلبات الحياة الأساسية متوفرة وبأسعار في متناول اليد، وهذا ما تسعى حكومتنا الرشيدة لتحقيقه وتثبيت أركانه وتجذيره.
القرار الحكيم نأمل ألا يقتصر تطبيقه على المؤسسات الحكومية الاتحادية فقط، بل يشمل أيضاً الدوائر الحكومية المحلية، المعروفة برسومها العالية، والمبالغ فيها أحياناً، وستكون الفائدة أكبر لو خضعت تلك الرسوم للدراسة على أيدي خبراء لتخفيض الرسوم المبالغ فيها وليس الاكتفاء بتجميدها فقط، وقد بادرت الحكومة المحلية في دبي وسلكت الدرب نفسه في خطوة حكيمة، ونأمل ألاّ يطول الانتظار لخطوات الحكومات المحلية المماثلة.
والمستثمرون الذين يستفيدون من هذا القرار الحكيم، عليهم أن يلتزموا بدراسة سبل خفض أسعار منتجاتهم وخدماتهم، فالربح ليس كل المبتغى، بل يجب أن يكون الجميع على يقين أن سلامنا الاجتماعي لا يقدر بثمن.
ebnaldeera@gmail.com