تزايد رقابة الإنترنت في جنوب شرق آسيا
نيتين كوكا*
من ميانمار إلى إندونيسيا، تقوم حكومات جنوب شرق آسيا، بتضييق الخناق على شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية.
يتزايد عدد المواقع المحجوبة على الإنترنت، كما وثّقه مراقبون مستقلون للشبكة، في كل دولة تقريباً من دول جنوب شرق آسيا، وذلك كجزء من الانكماش الأوسع في حرية المعلومات في جميع أنحاء المنطقة. وما بدأ على شكل تحرك للحدّ من حرية الدخول إلى مواقع «غير شرعية»، مثل تلك التي تستضيف مواد إباحية، أو تنشر محتوىً محميّاً بموجب حقوق الطبع والنشر، تَحَوَّلَ إلى سلطة واسعة مطلقة في أيدي السلطات التي تتحكم بالإنترنت في كل بلد، لحجب الدخول إلى المواقع التي يبدُر منها أي سهو غير مقصود، إن كان ثمة شيء منه، والقيام بصورة متزايدة باعتقال المواطنين بسبب ما ينشرونه على وسائل الإعلام الاجتماعية.
وقالت مادلين إيرْب، وهي محللة لشؤون آسيا لدى «بيت الحرية» (وهو منظمة أمريكية غير حكومية، مموّلة من الحكومة، تجري أبحاثاً على الديمقراطية، والحرية السياسية، وحقوق الإنسان)، «إن الرقابة آخذة في التصاعد، كما أن حرية الإنترنت مستمرة في الانخفاض في جنوب شرق آسيا.. ونرى ذلك مع بعض التكتيكات المحددة – مثل حجب المواقع، والاعتقالات والهجمات السيبرانية وغيرها من انتهاكات الحقوق».
ووفقاً لأحدث تقرير ل «بيت الحرية»، حول شبكة الإنترنت، الذي صدر في نهاية عام 2017، تدنّى سِجِلُّ سبع من ثماني دول في جنوب شرق آسيا، شملتها الدراسة. والآن، تبقى الفلبين فقط مصنّفة «حرة على الأغلب» بسبب محدودية الرقابة، ولكن سجل نقاطها انخفض مع ذلك، بسبب التصاعد في استخدام «صانعي الرأي»، لدعم الخطاب الموالي للحكومة، إلى جانب الهجمات الموجّهة على الصحفيين والناشطين، مثل قتل المحامية «ميا مانويليتا ماسكاريناس- غرين» في فبراير/ شباط. وكانت أكبر خيبة أمل، في نواحٍ كثيرة، ميانمار التي شهدت انخفاضاً في تصنيفها حتى بعد أن جلبتْ أولُ انتخابات مفتوحة في البلاد، حزب الرابطة الوطنية، وزعيمته أونغ سان سو كيي، إلى السلطة. واعتُبر الجاني- الأخبار الوهمية، وتبع ذلك، في وقت أقرب، اعتقالات الصحفيين.
قال «إيد ليجاسبي»، المدير التنفيذي للتحالف الصحفي في جنوب شرق آسيا «هنالك المزيد من الصحفيين الذين يواجهون التهم الآن، بالمقارنة مع سجل حكومة تين سين (التي قادت البلاد من 2011 – 2015»..
وتدنّي السجل، هو القاعدة في دول جنوب شرق آسيا الأكثر استبداداً- لاوس، تايلاند، وكمبوديا وفيتنام وسنغافورة – ولكن حتى هناك، يزداد الوضع سوءاً بسبب سيطرة الحكومة المتزايدة باستمرار، والزيادات في اعتقالات الأشخاص بسبب نشر محتوى ً على وسائل الإعلام الاجتماعية. وحتى الدولة الوحيدة التي حسنت سجلها، وهي ماليزيا، تركت الكثير مما يتمناه الناس، حيث كان الارتفاع في مستوى سجلها يعود حصرياً إلى نموّ الوصول إلى الإنترنت.
ويتمثّل سيناريو الحالة الأسوأ في أن القدرة المتنامية للدول على الاستيلاء على الإنترنت والسيطرة عليها، سوف يحدّ من قدرة المعارضة، ووسائل الإعلام، والناشطين في جميع أنحاء المنطقة، ويُرسّخ الأحزاب الحاكمة القائمة، وكيانات مثل الجيش. وهذا قد يكون له آثار جانبية، تتمثل في زيادة الفساد، والمزيد من نزع الشرعية عن جماعات الأقليات، وزيادة حدة التفاوت وعدم المساواة.
وفي الوقت الحاضر، يبدو أن عام 2018، سوف يشبه عام 2017 بكثير من الطرق – إذ سيشهد مزيداً من الرقابة، ومزيداً من المعلقين الموالين للحكومات، والمزيد من الأخبار الوهمية التي تنتشر عبر الشبكات الاجتماعية – وذلك تحوُّل محزن للأحداث في منطقة كان كثيرون يأملون في إمكان توليها القيادة في القرن الواحد والعشرين.
*كاتب وصحفي مستقل يركز على القضايا الثقافية والاقتصادية والبيئية في البلدان النامية. موقع: «ذي دبلومات»