تضافر الجهود.. طريقنا إلى مستقبل مستدام
سعيد محمد الطاير*
تتضافر الجهود العالمية لحماية كوكب الأرض من آثار الاحتباس الحراري لضمان مستقبل مستدام، وتسهم دولة الإمارات العربية المتحدة بفعالية في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للعام 2030.
كانت دولة الإمارات في طليعة بلدان العالم في تنفيذ استراتيجيات تدعم الاستدامة عملاً بالرؤية الثاقبة لقيادتنا الرشيدة ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وعلى الرغم من امتلاكها أحد أكبر احتياطيات النفط في العالم، تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بتنويع مصادر الطاقة من خلال زيادة نسبة الطاقة المتجددة والنظيفة انطلاقاً من رؤية ثاقبة تدرك أهمية الطاقة المتجددة في تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة. وحققت الدولة عدداً من الإنجازات المهمة من خلال استراتيجيات ومبادرات رائدة على المستويين الاتحادي والمحلي، بما في ذلك رؤية الإمارات 2021، ومئوية الإمارات 2071، واستراتيجية الإمارات للطاقة 2050 التي تحدد نسبة 50٪ من الطاقة النظيفة ضمن إجمالي مزيج الطاقة بحلول عام 2050، وغيرها.
وتمتلك دبي رؤية شاملة لمستقبل الاستدامة التي تعتبرها عاملاً جوهرياً لنجاح التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتهدف استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 إلى توفير 75% من طاقة دبي من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2050، وتأسيس نموذج مستدام لتوفير الطاقة وداعم للنمو الاقتصادي دون الإضرار بالبيئة ومواردها، وأن تكون دبي الأقل في البصمة الكربونية على مستوى العالم بحلول 2050. وتدعم هيئة كهرباء ومياه دبي هذا التوجه من خلال مشروعات رائدة للطاقة المتجددة والنظيفة، أبرزها مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية الذي ستبلغ طاقته الإنتاجية 5000 ميجاوات بحلول عام 2030، باستثمارات إجمالية تصل إلى 50 مليار درهم، وسيسهم عند اكتماله في تخفيض أكثر من 6.5 مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً. وتم تشغيل المرحلة الأولى من المجمع بقدرة 13 ميجاوات عام 2013، والمرحلة الثانية بقدرة 200 ميجاوات في مارس 2017، ونعمل على إنجاز المرحلة الثالثة لإنتاج 800 ميجاوات بحلول عام 2020، بالشراكة مع الائتلاف الذي تقوده شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) ومجموعة «إي دي إف» الفرنسية. كما أطلقنا أكبر مشروع للطاقة الشمسية المركَّزة في العالم في موقع واحد بأقل سعر تكلفة عالمي للطاقة بلغ 7.3 سنت أمريكي للكيلووات ساعة، بقدرة 700 ميجاوات وبتكلفة تصل إلى 14.2 مليار درهم، ضمن المرحلة الرابعة من المجمع. وفي خطوة ريادية لتنويع مصادر الطاقة، تعمل الهيئة على تنفيذ محطة لتوليد الكهرباء بتقنية الطاقة المائية المخزنة بالضخ والتخزين بالاستفادة من المياه المخزنة في سد حتا، بقدرة إنتاجية تصل إلى 250 ميجاوات، وتعد الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي.
وإضافة إلى مشروعات الطاقة الشمسية التي تنفذها الهيئة، نعمل على إشراك المواطنين والمقيمين في إنتاج الطاقة النظيفة من خلال مبادرة «شمس دبي» التي تشجع أصحاب المباني والمنازل على تركيب الأنظمة الشمسية الكهروضوئية لإنتاج الكهرباء. وحتى نهاية ديسمبر 2017، انتهت الهيئة من ربط الأنظمة الشمسية الكهروضوئية في 557 مبنى في دبي، بقدرة إجمالية تصل إلى 24.3 ميجاوات، ونعمل على مضاعفة الرقم في المستقبل وصولاً إلى جميع مباني الإمارة بحلول 2030. وإضافة إلى «شمس دبي»، أطلقت الهيئة مبادرة «التطبيقات الذكية من خلال شبكات وعدادات ذكية»، ومبادرة «الشاحن الأخضر» لإنشاء البنية التحتية ومحطات شحن السيارات الكهربائية لتشجيع استخدام السيارات الصديقة للبيئة. وانتهت الهيئة من تركيب 100 محطة شحن كهربائية للمركبات في مختلف أنحاء دبي، وتعمل على مضاعفة العدد إلى 200 محطة خلال 2018.
وفي إطار استراتيجية الهيئة لتعزيز كفاءة الطاقة في جميع عملياتها، نعمل حالياً على تحلية المياه من خلال الإنتاج المشترك للطاقة والمياه، الذي يعتمد على استخدام الحرارة الناتجة عن إنتاج الكهرباء لتحلية المياه باستخدام تقنية التقطير الومضي متعدد المراحل والتي من خلالها يتم إنتاج حوالي 67٪ من المياه دون حرق وقود، إضافة إلى استخدام تقنية التناضح العكسي لتحلية المياه لاستيعاب قدرات إنتاجية كبيرة من الطاقة المتجددة. ولدى الهيئة استراتيجية لضمان أن يتم إنتاج 100٪ من المياه المحلاة بواسطة مزيج من الطاقة النظيفة الذي يجمع بين مصادر الطاقة المتجددة والاعتماد على استخدام الحرارة المفقودة بحلول عام 2030، الأمر الذي سيتيح لدبي تجاوز الأهداف العالمية لاستخدام الطاقة النظيفة لتحلية المياه.
نهدف من خلال استراتيجياتنا ومبادراتنا ومشروعاتنا المشتركة مع القطاع الخاص، إلى تعزيز مسيرة التنمية المستدامة في دولة الإمارات، وأن تصبح الاستدامة أسلوب حياة لضمان مستقبل أكثر إشراقاً واستدامة لأجيالنا القادمة. وأود في هذا الإطار أن أشيد بجهود القائمين على أسبوع أبوظبي للاستدامة في دعم رؤية القيادة الرشيدة، وتعزيز الجهود المشتركة للوصول بدولة الإمارات إلى الرقم واحد في جميع المجالات، فكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله: «الجميع يعمل بروح الفريق الواحد والكل يشترك في صنع دولة الإمارات».
*العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي