غير مصنفة

جدل «التمكين» في غزة

يونس السيد

على خلاف ما يشتهيه الفلسطينيون وحتى المتضامنون معهم في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، تنفجر الخلافات مجدداً بين حركتي «فتح» و«حماس» على نحو بات يشكل تهديداً جدياً للمصالحة الوطنية، على الرغم من الاتفاق الموقع بين الجانبين في القاهرة في 12 أكتوبر الماضي، ومن ضمنه «تمكين» الحكومة من العمل في قطاع غزة.
كان من المفترض، وفق اتفاق القاهرة، أن تنتهي مرحلته الأولى بتمكين الحكومة من العمل بحرية في قطاع غزة بعد أن تكون قد تسلمت مهامها فعلياً بما في ذلك الوزارات والمعابر والأمن وإدارة الحياة اليومية، مع مطلع ديسمبر المقبل، إلا أن المفاجأة حدثت مع إعلان حركة «فتح» أن نسبة «التمكين» لم تتعد 5% حتى الآن، ما فتح الباب مجدداً على حرب كلامية من الواضح أنها إذا استمرت فستنهي أحلام المصالحة وتعود بالجميع إلى المربع الأول «وكأنك يا أبو زيد ما غزيت».
لا ندري من هو على حق في إحياء الحديث عن خلافات إدارية ومالية وأمنية، كان يفترض أن تكون قد حسمت في اجتماعات القاهرة، ومنها ما تقوله فتح عن معارضة «حماس» استدعاء الوزراء للموظفين الذين كانوا على رأس عملهم قبل سيطرة «حماس» على القطاع عام 2007، واستمرار سيطرتها على الجباية المالية وعدم تسليم الأمن، إضافة إلى استمرار مشكلة موظفي «حماس» البالغ عددهم نحو 40 ألفاً. لكن يبرز من بين هذه المشكلات الخلاف الأكثر أهمية وهو عودة الحديث عن «السلاح» والذي تضاربت الإنباء بشأنه منذ البداية، لكن حركة «فتح» أعادته إلى الواجهة باعتباره «ليس شأنا تنظيمياً أو فصائلياً» معتبرة أنه «لن يكون هناك إلا سلاح واحد وقانون واحد»، وهو الأمر الذي أغلقت «حماس» النقاش حوله على الفور باعتباره «خطاً أحمر وراءه كل الخطوط». ولكن ما الذي يعنيه كل ذلك في نهاية الأمر، «حماس» هناك مطالبة للراعي المصري بالتدخل والإشراف مباشرة على تنفيذ الاتفاق، وتسمية الجهة المعرقلة له على الملأ، فيما تصر «فتح» على «التمكين» الكامل الذي من دونه لا تستطيع الحكومة الانتقال إلى المرحلة التالية وحل مشاكل نحو مليوني إنسان يعيشون في ظروف اقتصادية مأساوية والتحضير للانتخابات وتشكيل محكمة قضائية وما إلى ذلك.
من الواضح أن حسابات المصالح الفئوية والفصائلية تطغى على الحسابات الوطنية وإنهاء التشرذم والانقسام، فالجميع يعلم أن حركة «حماس» غير قادرة على حكم قطاع غزة ورفع الحصار عنه وحل معاناة ساكنيه، كما يعلم الجميع أن «فتح» والسلطة تواجهان مأزق التسوية السياسية ولا تستطيعان السير فيها حتى النهاية من دون وحدة الموقف الفلسطيني، ما يجعل المصالحة الفلسطينية خاضعة للمد والجزر وفق ما يجري توظيفها في خدمة التسوية، وليس لكونها ضرورة فلسطينية لخدمة المشروع الوطني التحرري وإنهاء الاحتلال.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى