جرائم القتل الجماعي في أمريكا للشهرة!
تارا ماكيلفي *
في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، أطلق رجل أمريكي مسلح النار عشوائياً داخل حانة وقاعة رقص مكتظة بالناس، فقتل 12 شخصاً، وأصاب 12 آخرين بجروح، ثم انتحر بسلاحه.
وقع الحادث قبيل منتصف الليل في مدينة ثاوزند أوكس في ولاية كاليفورنيا. وأفادت التقارير أن ما لا يقل عن 200 شخص كانوا يتواجدون داخل الحانة والقاعة لحظة الحادث.
وأعلنت الشرطة أن مرتكب الجريمة كان رجلاً عمره 28 سنة، ويُدعى إيان ديفيد لونغ، في حين قال مدير الحانة: «بدا وكأن الرجل كان يعرف ماذا يفعل، وكأنه تدرب على الأمر».
ومثل هذه المجازر في أمريكا لها تاريخ يعود إلى عقود؛ حيث بدأت عام 1949؛ عندما قام جندي متقاعد بإطلاق النار على جيرانه؛ ما أسفر عن مقتل 13 شخصاً.
وعلى مدى العقود التالية، كانت أعداد ضحايا هذه المجازر، التي يرتكبها أفراد مسلحون تتزايد: 16 قتيلاً في مدينة أوستن بولاية تكساس في 1966، و21 في مدينة سان إيزيدورو بولاية كاليفورنيا في 1984، و49 في مدينة أورلاندو بولاية فلوريد في 2016… إلخ.
وشهد شهر أكتوبر/تشرين الأول الفائت مجزرتين وحشيتين في مدينتي لاس فيغاس بولاية نيفادا ( 58 قتيلاً)، وساذرلاند سبرينغز بولاية تكساس ( 26 قتيلاً).
وأسباب هذه الظاهرة المأساوية عديدة ومعقدة، وقد وجد كثيرون في الولايات المتحدة وعبر العالم صعوبة كبيرة في فهمها.
وفي ما يلي تحليلات تناقش عوامل يمكن أن تكون وراء هذه المجازر العنيفة:
الأسلحة تتطور
مع مرور السنين، أخذ مرتكبو هذا النوع من الجرائم يستخدمون أسلحة رشاشة تتميز بمخازن تستوعب أعداداً أكبر فأكبر من الرصاص، ما كان يمكنهم من إطلاق عشرات الرصاصات دون حاجة إلى إعادة تحميل الذخيرة. وشرح البروفيسور في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد ديفيد هيمنواي بالقول: «أصبحت أعداد أكبر من الناس تقتل خلال أوقات أقصر فأقصر».
وتبين دراسات أن عدد الضحايا يكون أكبر؛ عندما تستخدم أسلحة رشاشة هجومية. كما أجرى باحثون دراسات حول العلاقة بين القوانين السارية ووقوع مجازر من هذا النوع: ففي عام 1994، أقرت الحكومة الأمريكية الاتحادية قانوناً يحظر البنادق الهجومية العسكرية، وكذلك الأسلحة، التي لديها مخازن رصاص كبيرة؛ لكن هذا الحظر ألغي في 2004.
وقال خبراء: إن رفع ذلك الحظر شكل بداية عهد جديد من إطلاق النار العشوائي على حشود من الناس.
قوانين متساهلة
هناك ولايات أمريكية كثيرة لديها قوانين غير مشددة بشأن امتلاك أسلحة فردية. حتى إن ولاية مثل جورجيا، أقرت قانوناً يسمح للناس بحمل أسلحة في صفوف المدارس، والحانات الليلية، وأماكن أخرى يحتشد فيها الناس.
وأظهرت دراسات أن الولايات، التي تبنت قوانين مشددة بشأن اقتناء أسلحة تشهد عدداً أقل من حوادث المجازر الجماعية.
ولكن الدراسات أظهرت أيضاً أن هذا النوع من الهجمات العشوائية أصبح يستهدف أماكن تتواجد فيها أعداد كبيرة من الناس. وقال الباحث في جامعة فلوريدا الوسطى جاي كورزين: «مع وجود مثل هذه الأعداد الكبيرة من الناس، لا يكون مرتكبو المجازر بحاجة إلى التصويب».
تنافس بين مرتكبي المجازر
في 1999، هاجم رجلان مسلحان ثانوية كولومباين بولاية كولورادو، فقتلا 12 طالباً، إضافة إلى أحد المدرسين، وأصابا 21 شخصاً بجروح. ويقول باحثون: إن هؤلاء القتلة يتنافسون من أجل تسجيل أكبر عدد ممكن من الضحايا؛ لاعتقادهم بأنه بقدر ما يكون عدد ضحاياهم أكبر؛ فإنهم يشتهرون أكثر.
وقال ديلان كليبولد، أحد الرجلين اللذين هاجما ثانوية كولومباين: «نحن نأمل في تسجيل أكبر عدد من القتلى في التاريخ». وشرح بقوله: «هذا حقاً يعد سباقاً؛ من أجل الشهرة… سباق نحاول فيه أن نكون الأفضل، وأن نسجل العدد الأكبر من القتلى». وهذا ينم طبعاً عن اضطراب نفسي وعقلي؛ لكن كما قال كليبولد: «نحن مرتكبو المجازر الجماعية نريد أن نكون مشهورين بعد موتنا. فهذا (عمل القتل) يظهرنا بأننا نمتلك شخصية قوية».
* صحفية أمريكية ومراسلة محطة ال«بي بي سي» لدى البيت الأبيض