حديث الشراكة
ابن الديرة
الشراكة المجتمعية، بمعنى مشاركة القطاعات الأهلية والخاصة جهود وأنشطة القطاع الحكومي، شعار مطروح في بلادنا على نطاق واسع، وفيما يتحقق هذا الشعار بشكل متسارع خصوصاً في السنوات الأخيرة، يخشى أن يتحول لدى البعض إلى شعار براق يعلق على الجدران دون أن يصل إلى الوجدان، ويوضع على الصدور دون أن يصل إلى القلوب.
نعم الشراكة المجتمعية قرار أولاً، لكن القرار البداية فقط، وبعد ذلك لا بد من بذل جهود مؤسسية مدروسة ومخطط لها جيداً، وذلك نحو تحقيق الأهداف، فلا تحقيق جدياً للخطط والاستراتيجيات، خارج شراكة المجتمع. نعم الشراكة قرار، لكنها أيضاً علم ووعي وإرادة وتدريب، وحين يقال إنها عمل مؤسسي، فالمعنى أنها لا تترك للغفلة والمصادفات، وإنما يشتغل عليها اشتغالاً. المعنى، إلى ذلك، أنها لا بد أن تكون محل اتفاق عام، خصوصاً بين المؤسسات، حتى تتحقق، ضمن وتيرة تضمن حد الجودة المتوقع، وتضمن عدم التفاوت الصارخ.
يسعى بعض مؤسساتنا إلى تحقيق الشراكة، فيما لا يضعها البعض الآخر في الأولويات، وربما أبعد من ذلك، لا يضعها في الاعتبار أصلاً، وَمِمَّا يلاحظ هنا، افتراض العلاقة مع الجمهور، حتى في وزارات ودوائر الخدمات الكبرى، من طرف واحد هو طرف المؤسسة لا طرف المتلقي أو المتعامل، حتى على مستوى المصطلح وصولاً إلى التنفيذ. لدينا في مؤسساتنا جهات اتصال، والاتصال غير التواصل.
وفي الكثير من الدوائر ينشط المروجون للعزلة، وكأنهم بوعي أو من دون وعي، يروّجون لفكرة البرج العاجي، ومن هنا فهم يهدمون فكرة التواصل والشراكة في كل حركة وسكون، ويترتب على ذلك أن القرارات والقوانين، حتى تلك التي على تماس مباشر مع حياة ومعيشة ومصالح الناس، تصدر هكذا فجأة أو على حين غرة، مع أن فرصة استمزاج آراء الجمهور، وخصوصاً فئاته المعنية بهذا القرار أو ذلك التشريع، فرصة حاضرة وممكنة في معظم الأحيان. يقال هذا مع فهم أحقية القرارات والقوانين التي لها صفة الاستعجال بالصدور من دون استمزاج، وكذلك تلك التي توصف بأنها حساسة أو سيادية.
كل المؤسسات معنية بتحقيق الشراكة، لكن المجلس الوطني الاتحادي، وبحكم الدستور والقوانين المرعية، يأتي على رأس هذه المؤسسات، فمجتمعنا، وطبقاً لمسار المشاركة السياسية المتدرج، يجب أن يهيأ لهذه المشاركة عبر التوعية والتثقيف أولاً، والمفارقة هنا، أن وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي تقوم، وحدها، بهذا الدور.
حتى يهيأ المجتمع للشراكة في معناها العام، وصولاً للمشاركة السياسية كما في المسار المتدرج الذي أثبتت تجربتنا والتجارب من حولنا أنه الأصلح،
لا بد من تحويل الشأن المحلي إلى معرفة وثقافة عامة ومادة للمدارس والمنتديات.
ebnaldeera@gmail.com