مقالات عامة

حصار وشبح حرب

علي قباجه

يعيش قطاع غزة أسوأ فصوله اليوم في حصار خانق، وشبح حرب يتهددها، مع انعدام الأفق والأمل بانفراجة قريبة. فربما يدفع الضغط المتزايد على الغزيين إلى انفجارهم سائرين على مبدأ «الموت وقوفاً وليس جوعاً»، وهو متوقع في ظل توقف أبسط مقومات المعيشة، مع توقف آخر محطة لتوليد الكهرباء نتيجة نفاد الوقود، والمياه لانعدام الطاقة التشغيلية للمولدات، والصرف الصحي، والمستشفيات، والبنى التحتية، حتى إن متنفسهم الوحيد «البحر» أغلق نتيجة تصريف مياه المجاري إليه.
مناوشات طفت على السطح مؤخراً باشتباكات متبادلة وقصف مكثف على القطاع، أنذرت بحرب قد تكون شاملة، وهو ما أكدته حدة تصريحات قادة الفصائل في غزة، وتهديدها بالتصعيد في حال استمر الاحتلال في عدوانه، كما أن وزير الحرب «الإسرائيلي» ليبرمان توعّد غزة بحرب لا هوادة فيها، وترافق ذلك بتأكيدات من منظمات محلية ودولية بأن القطاع على شفا الانهيار، وأن الانفجار قادم لا محالة في ظل استمرار الأوضاع على ما هي عليه.
شظايا هذا الانفجار، قد تطال المنطقة كلها؛ فمن المحتمل أن تتوسع دائرته لتصل الجبهات الشمالية مع تصاعد وتيرة الاستفزازات «الإسرائيلية»، خاصة في تعديها على السيادة اللبنانية والسورية، فالاحتلال يتجه للتصعيد، مستغلاً ضعف خاصرة بعض الدول المحيطة فيه، وربما تكون الشرارة من غزة.
الظروف الراهنة لا يمكن أن تستمر على وتيرتها، فمؤشرات النار كثيرة، وكان آخرها إعلان بلديات القطاع عن توقف نصف خدماتها، واعتذار المشافي عن العمل، ووصول نسبة الفقر إلى 90%، لذا فالشعب يرى أنه أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تتم حلحلة ولو جزئية للأوضاع وإيجاد حلول ملموسة، وإما أن الحرب يقيناً قادمة لا محالة، وهو ما تؤكده وقائع الميدان.
ومع كل هذا، فإن الطامة الكبرى هي بالتجاذبات السياسية بين حكومة الوفاق الفلسطينية وحركة «حماس»، فالأخيرة تتهم الحكومة بعدم تحمل مسؤولياتها والمشاركة في الحصار، والأولى تعتبر أن الحركة تحاول الكولسة وعدم تمكينها من ممارسة عملها، وبين هذا وذاك ضاع الغزيون وها هم يموتون ببطء، في ظل عالم متآمر، وإخوة دم متنافرين.
ولكن، برغم التجاذبات، فإن المسؤولية الكبرى تتحملها الحكومة، فهي الأقدر على إيجاد الحلول، ويتوجب عليها طرق الأبواب لحل المشكلات، واستخدام كل ممكن لإنقاذ ما تبقى من روح غزة، كما عليها أن تضع خطة شاملة لمواجهة أي عدوان قد يُشن على غزة. غزة كالمرجل تغلي، فهل من مغيث لها؟

aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى