حلول جذرية
ابن الديرة
هطلت أمطار الخير فارتوت الأرض، وامتلأت البحيرات خلف السدود بالمياه، واكتسى جبل جيس في رأس الخيمة بثوبه الأبيض، كما صحراء مدينة العين التي اختلطت رمالها بحبات البرد وتجمعات المياه، التي كانت مقصداً للكثير من المواطنين الذين ينتظرون بفارغ الصبر موسم الأمطار للاستمتاع بما ترسمه حباته من لوحة جمالية، وارتياد البر الذي يكون للسهر فيه والمرح عنوان آخر في فصل الشتاء.
هذه الصور الجمالية التي رسمتها ريشة الطبيعة في عدد من مناطق الدولة، لم تكن مشابهة لواقع الحال في مناطق أخرى، بسبب الأضرار التي خلفتها الأمطار، وكشف عن طريقة جديدة لمعالجتها الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، وزير تطوير البنية التحتية، خلال جولته أمس، حيث قال إن أولوية عمل الوزارة، إيجاد الحلول الجذرية لأسباب تجمع مياه الأمطار، ضمن باكورة مشاريع تكون أكثر فاعلية وقدرة على استيعاب أكبر قدر من مياه الأمطار التي تسقط بغزارة وخلال فترة زمنية قصيرة.
حالة عدم الاستقرار الجوي التي ضربت البلاد، سبق التنبؤ بها، قبل أن تحل علينا بما حملته من أمطار، فاق نسبة هطلها المعدلات الطبيعية، وكان من البديهي أن يؤتي استنفار الإدارات الشرطية والبلديات ثماره، وأن يحكموا بما وضعوه من خطط استباقية السيطرة على ما ستجود به السماء علينا من خير، وهو ما كان في عدد من المناطق، التي عبرت الجهود المبذولة بشوارعها إلى بر الأمان.
نسبة هطل الأمطار التي اختلفت من منطقة إلى أخرى، كان لها دور كبير في اختلاف الصورة بين شارع وآخر، حيث الجهود المبذولة كانت على مستوى الحدث، والفرق الميدانية تعاملت مع تجمعات المياه بحرفية كبيرة، عبر الصهاريج التي لم تطفئ محركاتها طوال الليل وهي تزرع الطرق ذهاباً وإياباً، محملة بالمياه لتصريفها، والمضخات الثابتة والمتحركة لتوجيه المياه نحو فتحات الصرف الصحي، الذي ظهر جلياً أن شبكاته في بعض مناطق الدولة تحتاج إلى توسعة، وإعادة النظر في كفاءتها، حتى تكلل الجهود المبذولة في مثل هذه المواقف بالنجاح.
وبعيداً عن صور تجمع المياه في عدد من الشوارع، التي كان من الصعب التعامل معها بأفضل وأسرع مما كان، وترفع المسؤولية عن كيفية التعامل معها، حسب الإمكانيات المتوافرة في المناطق التي تضررت أكثر من غيرها، تطل علينا صورة المنازل التي اقتحمتها المياه، والتي سارع البعض بتحميل المقاول والاستشاري مسؤولية تسرب المياه إلى ممرات الأسلاك ونقاط الكهرباء فيها، لتؤكد ضرورة توعية السكان مستقبلاً بأهمية تنظيف فتحات تصريف المياه على أسطح المساكن بشكل دوري وخصوصاً في موسم الأمطار، لتفادي الآثار السلبية التي قد تترتب عن انسدادها.
من أجمل الصور التي رافقت هطل الأمطار، رؤية أفراد الأجهزة الشرطية وهم يعملون دون كلل أو ملل تحت المطر، ويسارعون بمساعدة المتضررين، وتفاعل المؤسسات الخيرية مباشرة وإيواؤها المتضررين، في صورة خيرية لا تقل عن أمطار الخير جمالاً.
ebn-aldeera@alkhaleej.ae