حماية العمال من الذكاء الاصطناعي
رنا فروهار*
أصبح الذكاء الاصطناعي في يومنا هذا أحد أكثر الموضوعات التي تشغل بال الكثيرين وارتبطت بالعديد من التهديدات بالنسبة للقوى العاملة حول العالم، وقامت شركات كبرى الأسبوع الماضي بحملة واسعة كان الهدف منها كما يبدو إقناع الناس بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي لن تؤثر على وظائفهم. حيث قدم مسؤولون من «إنتل» و«تسلا» شهاداتهم لدى لجنة فرعية تابعة للكونجرس الأمريكي حول تحديات الذكاء الاصطناعي، وهي الجلسة التي استبعدوا فيها أي مخاطر يمكن أن تطال الناس من وراء هذه التكنولوجيا، فيما قال مسؤول من جوجل إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون الحل الأمثل لمشكلة تراجع معدل المواليد الجدد في البلدان الغنية.
وتتزامن هذه الادعاءات التي أطلقتها وتطلقها شركات التكنولوجيا مع مجموعة من الأحداث التي تلقي الضوء على تلك الشركات، ويبرز منها موضوع اتهام شركات وكيانات أمريكية وأجنبية بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، باستخدام منصات شهيرة مثل فيسبوك وغيرها، ويأتي ذلك بعد أن انتحر شخص يبلغ من العمر 60 عاما يعمل سائقاً لسيارة أجرة، احتجاجاً منه على التغيرات الكبيرة التي طرأت على القطاع الذي يعمل فيه منذ عقود من الزمن، الأمر الذي دفع عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو إلى إحياء الجهود الرامية إلى تنظيم أكبر لشركات مثل «أوبر».
وقد هددت شركة يونيليفر العالمية بسحب إعلاناتها من منصات جوجل وفيسبوك، بسبب ما قالت إن الطريقة التي تتبعها الشركتان تعمل على تقسيم المجتمع، فضلا عن أن بيل جيتس حذر شركات التكنولوجيا الكبرى من مقاومة الجهود الحكومية لمراقبتها وتنظيم عملها. إضافة إلى ذلك، أطلق أحد رواد المنظمات غير الربحية التي تعمل كحلقات وصل بين الخريجين الجدد والشركات الناشئة حملة تهدف إلى مواجهة الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي.
وتستند الإجابة عن السؤال الذي يتمحور حول إذا ما كانت التكنولوجيا ستساعد العمال والموظفين أم ستضرهم، على الإطار الزمني المحدد لكل وظيفة، والفئة الاجتماعية والاقتصادية التي ينتمي إليها كل فرد في المجتمع، حيث إن التكنولوجيا دائما ما كانت منتجاً للوظائف على المدى الطويل، على الرغم من سلبياتها التي ظهرت بعد فترة من تبنيها واستخدامها. أعتقد أن التكنولوجيا التي ستغزو جميع القطاعات ستكون لها آثار سلبية وإيجابية على حد سواء، بيد أن فوائدها ستصب في الغالب على الفئة الأكثر تعليما ومهارة، وهو ما يوجب على الحكومات أولاً العمل على تعليم شعوبها المهارات الأساسية التي ستساعدهم على الوصول إلى مستويات متقدمة من المهارات والتعليم.
*فاينانشيال تايمز