قضايا ودراسات

خطة التقنية الخمسية

ابن الديرة

نجاح السياسة التعليمية للدولة في مجال التعليم العالي، شواهدها كثيرة ومتشعبة، في المقدمة منها قدرة سوق العمل على استيعاب كوادر الخريجين في التخصصات المختلفة المنسجمة مع تكويناته، وارتفاع مستوى مخرجاته وتميز خريجيه بما باتوا يكتسبون من معارف وعلوم وخبرات ميدانية توفرها الكليات عبر نظم التدريب الحديثة التي تتبعها لتأهيل الطلبة والارتقاء بكفاءاتهم وقدراتهم إلى أبعد الحدود.
وتشكل كليات التقنية العليا نموذجاً جليّاً لما باتت تتمتع به جامعاتنا وكلياتنا الوطنية من إمكانات وتجهيزات وهيئات إدارية وتعليمية قادرة على إحداث نقلة نوعية في مستويات الخريجين الجامعيين، ورفد سوق العمل بما يحتاجه من مهارات وكفاءات نوعية متمرسة، تساهم في تحقيق النهضة العلمية والإنتاجية المطلوبة لتعزيز مسيرة التنمية الظافرة.
ويأتي قرار الكليات فتح باب القبول للطلبة الوافدين خريجي الثانوية العامة برسوم رمزية، خطوة شديدة الإيجابية في عدة مجالات:
فالجامعات عادة تفتح أبوابها للطلبة القادمين من الخارج للدراسة فيها، نتيجة السمعة العالمية الراقية لمؤسسات التعليم العالي في البلاد، بل إن الجامعات والكليات الخاصة تتنافس في ذلك لما تجنيه من فوائد، ليس غريباً أن يكون الارتقاء بالمستوى التعليمي في الوطن العربي الكبير إحداها، إلى جانب ما تستفيده من توسعات تصبح مطلوبة لمواجهة زيادة أعداد الطلبة الراغبين في الالتحاق بها.
كما أنها توفر المال والجهد على أسر الطلبة فيما لو اضطرت لابتعاث أبنائها للدراسة في الخارج، إذا لم تتوفر فرص التعليم المناسبة لقدراتها على الصعيد المحلي، فيكون التحاق الطالب بإحدى كليات التقنية مناسباً وقريباً من سكن أسرته، فلا يضطر للتغرب، ولا البعد عن أهله حتى لو كان التعليم الجامعي متوفراً في بلاده،لأنه حينها سيترك أسرته ويعيش بعيداً عنها.
والرسوم التي سيتم تحصيلها من الطلبة سوف تساهم في زيادة قدرة الكليات على التطوير والتحديث، والاهتمام بالبحث العلمي وتبني نتائج الأبحاث الناجحة، وكلها خير وبركة لمسيرة التعليم العالي، والارتقاء بالمعارف الإنسانية والكفاءات الطلابية.
بالتأكيد، الكثير من أولياء أمور الطلبة خريجي الثانوية العامة، أو الذين مازال أبناؤهم على مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية، سيرحبون بهذه الخطوة ويشيدون بها، خاصة وأن كليات التقنية العليا مشهود لها بكفاءات خريجيها ومستوياتهم العلمية الراقية، وتتيح للطلبة اكتشاف ذواتهم، وميولهم، وهواياتهم، وتتدرج في الوصول بهم إلى التخصص الذي يرغبون فيه، وكلها من الأمور التي كان يعاني منها الكثير من الطلبة، بما يضطرهم إلى تغيير كلياتهم الدراسية تحت وطأة عدم قدرتهم على الاستمرار فيها.
كليات التقنية العليا تخطط للمستقبل، وتسعى لتوفير موارد إضافية تساعدها على الاستمرار والتميز، والانسجام مع كل مراحل العمل الوطني والسياسات الاقتصادية التي تناسبها، والاستراتيجية التي تنفذها الإمارات حالياً تعتمد على تنويع مصادر الدخل وتعزيزها وصولاً لمرحلة ما بعد النفط.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى