خطط نووية أمريكية جديدة
جوليان بورجر*
تعمل الولايات المتحدة حالياً لتطوير أسلحة وخطط نووية جديدة بهدف ردع الروس عن استخدام أسلحة نووية تكتيكية في حال اندلاع حرب بين حلف الأطلسي وروسيا في أوروبا الشرقية. ولكن خبراء وباحثين ينتقدون هذه الخطط ويحذرون من أن تطبيقها يمكن أن يفجر حرباً نووية شاملة.
قال مسؤول أمريكي سابق إن البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) يعكف على وضع خطط جديدة تخفف من قيود استخدام أسلحة نووية، ويقوم بتطوير سلاح نووي أقل قوة و«قابل للاستخدام».
والمسؤول السابق هو جون وولفستول، الذي عمل مساعداً خاصاً للرئيس باراك أوباما لشؤون الحد من التسلح ومنع الانتشار النووي، والذي اطلع على مسودة مراجعة سياسة البنتاجون النووية. وقد قال إن الخطط الجديدة للبنتاجون تستهدف ردع روسيا عن استخدام أسلحة نووية تكتيكية (ضعيفة القوة تستخدم في ميادين القتال) في حال اندلاع نزاع بين روسيا وقوات حلف الأطلسي في أوروبا الشرقية.
ومسودة الخطط الجديدة تتضمن سياسة نووية هجومية بقدر أكبر بكثير من السياسة التي اعتمدتها إدارة أوباما، التي سعت إلى تقليل دور الأسلحة النووية في استراتيجية الدفاع الأمريكية.
وقد عبر النشطاء السلميون وأنصار الحد من التسلح في الولايات المتحدة عن قلق شديد إزاء الخطط الجديدة، التي تتضمن استخدام أسلحة نووية أقل قوة تكون «قابلة للاستخدام» في ميادين القتال، وقالوا إن هذه الخطط تزيد احتمال اندلاع حرب نووية.
ويتوقع أن تنشر الإدارة الأمريكية الخطط الجديدة، التي أطلق عليها اسم «مراجعة الموقف النووي»، عقب الخطاب السنوي التقليدي للرئيس ترامب عن حالة الاتحاد (في 20 يناير/كانون الثاني).
وقال وولفستول، الذي اطلع على المسودة النهائية لمراجعة السياسة النووية الأمريكية، إن الخطط الجديدة تقضي بتطوير صاروخ «كروز» (الموجه والدقيق التصويب) تطلقه غواصات. وقال أيضاً إن الخطط الجديدة تتخلى عن سياسة تقديم تطمينات إلى الدول غير النووية بأن الولايات المتحدة لن تستخدم ضدها أسلحة نووية في حالة نزاع.
ووصف وولفستول الخطط الجديدة بأنها «سيئة» وقال: «أبلغني أشخاص يشاركون في هذه المراجعة أن ما يسعون إليه هو إرسال رسالة ردع واضحة إلى الروس، والكوريين الشماليين والصينيين. وقد أوضحوا بلهجة قوية أن أي محاولة من روسيا أو كوريا الشمالية لاستخدام أسلحة نووية (من أي نوع كان) ستقابل بعواقب قاسية». وانتقد وولفستول الخطط الجديدة ووصفها بأنها «غير لازمة إطلاقاً»، لأن الولايات المتحدة لديها أصلاً أسلحة نووية ضعيفة القوة وصواريخ «كروز» تطلقها طائرات.
وقال أيضاً إن «من الحماقة» تجهيز غواصات بأسلحة نووية ضعيفة القوة، لأن إطلاق هذه الأسلحة سيمكن العدو المحتمل من تحديد موقع أي غواصة تطلق هذه الأسلحة، وبالتالي تدميرها. وأضاف: «نحن ننفق 5 مليارات دولار على الغواصة الواحدة لكي نجعلها غير مرئية، ونجهزها بالعديد من الرؤوس الحربية. ولكن ما يريدونه الآن (البنتاجون) هو إطلاق صاروخ واحد يحمل رأساً حربية نووية صغيرة واحدة، وهذا يجعل الغواصة مكشوفة أمام هجوم روسي. هذه الخطط سيئة من وجهة نظر استراتيجية بحرية».
وفكرة تطوير أسلحة نووية ضعيفة القوة تحملها صواريخ «كروز» تطلق من غواصات تستند إلى الاعتقاد بأن أي نزاع مع روسيا على الجناح الشرقي لحلف الأطلسي سيدفع الروس إلى استخدام أسلحة نووية تكتيكية من أجل التعويض عن ضعفهم النسبي في الأسلحة التقليدية. وحسب تفكير البنتاجون، فإن الأسلحة النووية التكتيكية الجديدة التي تطلق من البحر ستردع الروس عن استخدام أسلحة نووية تكتيكية.
ولكن خبراء وباحثين أمريكيين متخصصين في دراسة الحرب النووية يقولون إن الفكرة وراء خطط البنتاجون الجديدة غير متماسكة. ووصف داريل كيمبول، المدير التنفيذي ل «رابطة الحد من التسلح» (منظمة أهلية أمريكية تعمل من أجل الحد من التسلح) خطط البنتاجون الجديدة بأنها «خطرة وقائمة على تفكير الحرب الباردة».
وحذر كيمبول من أن استخدام أسلحة نووية ضعيفة القوة في نزاع سيكون «كارثياً»، لأنه سيزيد خطر حرب نووية شاملة.
*رئيس تحرير الشؤون العالمية في صحيفة «الغارديان» – موقع الصحيفة