غير مصنفة

خيارات حزب صالح

صادق ناشر

بعد اغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح على يد جماعة الحوثي، تغيرت خريطة التحالفات الجديدة في اليمن، وانضم حزب المؤتمر الشعبي العام إلى قائمة الضحايا الذين غدرت بهم الجماعة، رغم التسهيلات التي قدمها الحزب إلى الجماعة منذ إسقاطها العاصمة صنعاء في سبتمبر/‏ أيلول من العام 2014 وحتى ما قبلها، خاصة عند حصار العاصمة من المنافذ الأربعة المؤدية إليها، ولعبت ما يعرف ب«طوق قبائل صنعاء» دوراً كبيراً في ذلك.
انفردت الجماعة بالقرار الخاص بإدارة السلطة، وتحول حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يقوده صالح إلى مجرد «شاهد زور» في إطار الصراع الكبير والمحموم الذي كانت تقوم به الجماعة من أجل السيطرة على الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية، حيث اعتقد المؤتمر، وهو صاحب حكم استمر لـ33 عاماً، أنه قادر على ترويض جماعة ليس لديها خبرة في الحكم، إلا أن الجماعة لم تقبل حتى بالشراكة الصورية للمؤتمر وتجاوزته في كل الترتيبات الخاصة بإدارة الدولة، وانفردت باتخاذ القرارات الخاصة بالحرب التي شنتها ضد الشرعية ومؤيديها وما لحق ذلك من تداعيات أثرت في المشهد السياسي برمته.
اليوم يقف الحوثيون وحيدين إلا من دعم خارجي، يكمن في إيران، التي تبذل جهوداً كبيرة لإبقاء الجماعة مسيطرة على المشهد، بعدما ساعدتها في الوصول إلى العاصمة صنعاء بتوظيف المال والسلاح والإعلام، منذ الحروب التي خاضتها الجماعة ضد سلطات الرئيس المغدور به علي صالح، الذي تهاون في فترة حكمه بالتعاطي الجاد مع خطر الجماعة، خاصة أن كل الشواهد كانت تشير إلى أنها تحمل أجندة خارجية، وهو ما اتضح لاحقاً، لكن بعد فوات الأوان.
من واجب حزب المؤتمر الشعبي العام أن يتحرر اليوم من تبعات التحالف مع الجماعة، الذي قاد بزعيمه وبقواعده، وقبل كل ذلك باليمن، إلى قبضة الجماعة التي تحمل مشروعاً خارجياً وتريد أن تطبقه على اليمنيين كافة، والمعارك التي تدور اليوم في أكثر من جبهة قتال، تحتاج إلى قوة المؤتمر وخبرة كوادره وقياداته لتكون عوناً في التخلص من هذا المشروع الخارجي ليبقى اليمن حائط صد قوي لهذا المشروع الذي يريد انتزاع اليمن من محيطه العربي، وهو أصل العرب، حيث كان أبناؤه في مقدمة مناصري الرسول الكريم، وممن قادوا الفتوحات الإسلامية.
لقد حان الوقت ليثبت أهل المؤتمر أنهم أوفياء لرئيسهم الذي كانت وصيته الأخيرة قبل الغدر به، التمسك بمشروع اليمن الكبير والتخلص من الفتنة التي جلبتها الجماعة معها بعد أن تم استيعابها في مؤتمر الحوار الوطني، ومنحت مقاعد في المؤتمر تتساوى مع أحزاب كبيرة لها تاريخ وباع طويل في العمل السياسي، وهذه من الأخطاء التي وقع فيها المشرفون على أعمال المؤتمر.
على حزب المؤتمر أن يرمي خلف ظهره الخلافات مع الشرعية وأن يوحد صفوفه من جديد وأن يصبح أحد روافد المرحلة المقبلة للتخلص من هذه الحرب التي أرهقت اليمنيين وحولتهم إلى مشردين ولاجئين في الداخل والخارج. ولن ينتصر مشروع اليمن الكبير إلا إذا توحدت كل القوى الفاعلة لتكون سداً منيعاً ضد مشروع إيران ومشاريعها التوسعية في المنطقة.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى