مقالات عامة

خير البشرية

جمال الدويري

العالم بأسره يلتقي اليوم على أرض الإمارات، هذه المرة كما في المرات الخمس من عمر القمة العالمية للحكومات، ليس لمناقشة الحروب والكوارث والصراعات السياسية والعرقية، ومحاولة إيواء اللاجئين والنازحين، وإنما لمناقشة خير البشرية ومستقبلها وسعادتها.
هذه هي الصفة الرئيسية للقمة، ليست مناقشة ما آلت إليه الأوضاع البائسة، بل لمناقشة سعادة البشر ورفاهيتهم، وتالياً تجنيبهم عواقب ما قد أصابهم من مصائب على مدار العقود والقرون الماضية.
في القمة أبلغ العقول وأكثرها نضجاً وتطوراً، من مسؤولين حكوميين وقطاع خاص، يبحثون ويناقشون كل ما يمكن عمله للمستقبل القريب والبعيد، سواء على الصعد الفضائية أو التقنية أو التعليمية أو المعاشية بتفاصيلها.
في القمة، كل جوانب الحياة قيد البحث والتمحيص، وبناء على المتراكم من تجارب حياتية، للخروج بمستقبل أكثر إشراقاً، ووعياً وسعادة، لنجد أنها أصبحت مثل ما بات يعرف حالياً بالبيانات الضخمة، التي تلف الكون بأسره، التي لو تم تجميعها لوجدنا الحل لكل مشكلة وأزمة وحتى مرض.
القمة، بلا منازع أصبحت محط أنظار العالم، وهي حين يحضرها ممثلون ل 140 حكومة و16 منظمة دولية، ويشارك فيها أكثر من 4 آلاف متخصص، تكون بمنزلة جمعية عمومية للأمم المتحدة، ولكن الأخيرة لا نذكر قط أنها اجتمعت لخير أو لبحث مستقبل، وإنما لاستعراض الكوارث والمآسي، بعد أن تقع، ويموت ويتشرد بسببها الآف والملايين.
صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لخص في الأمس، حال القمة فقال: «هو اجتماع لخير البشرية»، مؤكداً أن الحكومات مطالبة اليوم، بأن تكون أكثر ديناميكية في التعامل مع متغيرات المستقبل السريعة.
الحكومات المدعوة التي أوفدت من بلادها وتحديداً الفقيرة منها، عليها أن تبحث عن أي سبيل لتستفيد منه في القمة، عن تجربة ناجحة، عن حالة فريدة، عن برنامج محدث، قد يساندها في تطوير عملها، وتحسين حياة شعوبها، من أراد الاستفادة فعلاً، فلديه كل المجالات التي يمكن أن يستفيد منها، ومن أراد الاطلاع على تجارب الآخرين فكلها متاحة أمامه، وأهمها تجربة حكومة الإمارات، التي يقدمها رئيسها على طبق من ذهب لمن أراد.
القمة تستشرف المستقبل، وتبحث في آفاقه عن بصيص ضوء ستعمل الإمارات، بمعاونة جهود المخلصين، على زيادة وهجه ونشر إشعاعه، ليشمل البشرية، والأهم بذل كل الجهود لدرء المخاطر قبل وقوعها، وقلب المجنّ على مدبّريها، وتحويل نار الشر إلى نور الخير، وبؤس الفاقة والحاجة والجهل، إلى بأس الأمل وقوة العمل، للوصول إلى السعادة.

jamal@daralkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى