مقالات عامة

دائرة الإيرادات وهيبة البتكوين؟

أنيل بوكوراد*

أدى الصعود السريع للعملات الرقمية، خصوصا البتكوين خلال الفترة الماضية ووصولها إلى مستويات تاريخية، إلى العديد من التكهنات التي أشارت وتوجست في الوقت ذاته من احتمالية أن تكون تلك العملات مجرد فقاعة ستنفجر قريبا. وقد حذر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، وعدد من أبرز الشخصيات الاستثمارية في العالم أمثال وارن بافيت من خطورة تداول العملات الرقمية واحتمالية انفجارها. بيد أن أكبر المخاوف المرتبطة بذلك تتمثل في الأضرار التي يمكن أن تحدثها تلك العملات على التمويلات الحكومية عبر العائدات الضريبية المفقودة على المدى الطويل.
ويبدو أن التقنية التي تعمل فيها تلك العملات الرقمية، وهي ما تعرف بالبلوكتشين يكتنفها بعض الغموض من حيث طريقة عملها التي تعتمد على العناوين الإلكترونية، هـي أكثر مـــا يجذب المتداولين في العملة. بيد أن ذلك الغموض هو الوقود الذي يغذي أيضا الاقتصاد السري الذي يتم تداول جزء كبير منه بالنقود. ويعتبر الاقتصاد السري مصدرا كبيرا للعائدات الضريبية المفقودة، حيث قدرت دائرة الإيرادات الداخلية الأمريكية IRS حجم الضرائب التي تخسرها بنحو 500 مليار دولار من الأجور غير المسجلة فقط، على الرغم من أن الاقتصاد السري في الولايات المتحدة لا يمثل سوى 8.4% من النتاج الإجمالي، وهي نسبة صغيرة مقارنة ببعض الدول حول العالم.
فإذا ما كانت العملات الرقمية ستحل بديلة عن النقود التقليدية، فيمكنها بالتالي توسيع نطاق الاقتصاد السـري، لأنــها تبدو مناسبة لتلك البيئة أكثر من النقود التقليدية، حيث لا توجد ضرورة أو حاجة لزيارة أجهزة الصراف الآلي، ويمكن من خلالها إتمام العديد من المعاملات المالية في جميع أنحاء العالم، وقد حذر وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشين من أن تصبح البتكوين الحساب المصرفي السويسري القادم، في إشارة إلى أن الحسابات السويسرية لا يمكن الكشف عن تفاصيلها أو معلوماتها.
إن دائرة الإيرادات الداخلية الأمريكية IRS تدرك هذه الأمور جيدا، ولهذا السبب بذلت سابقا جهودا حثيثة لفك شفرة العملات الرقمية وكشف النقاب عن السرية التي تحيط بها، ففي نوفمبر الماضي سعت الدائرة إلى استصدار حكم قضائي يلزم منصــة «كوين بيز» بالكشف عن هوية العملاء المرتبطين بأكثر من 14 ألف حساب. كما أن التقنيات التي تستخدمها بتكوين تجعل من الصعب جدا على دائرة الإيرادات الداخلية فرض ضرائب على تداولات العملات الرقمية فمن غير المنطقي أن تتقبل الحكومة خسارة إيرادات ضريبية بمليارات الدولارات من الاقتصاد السري استنادا إلى المعايير الضريبية المفروضة، ولكن السؤال الأبرز يتمثل في الكيفية التي سترد بها الهيئة على تلك المعضلة التي تواجهها حاليا.

*نيويورك تايمز

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى