رسالة امرأة معاصرة لزوجها
ولتعلم يا زوجي أنهم كما سعوا لإفساد ذوقك فقد فعلوا معي نفسي الشيء..
لا تظن أنك لوحدك المنبهر بجميلات الشاشات. لا تظن أنك الوحيد الهائم في طريقة تغنجهن، وفي اناقتهن.. لا تظن أنك أنت الوحيد الذي تحب الجمال والكمال..
بل أنا أيضا مثلك مجبولة على حب الكمال ، فلقد عرضوا علي أجمل الرجال، وأكثرهم أناقة، وأكثرهم رقة وتفننا في التعامل مع الأنثى.
غير أني ما فعلت مثل فعلتك، بل رميت بضاعتهم وراء ظهري..واستغفرت ربي مما رأيت، وحميت منه سمعي وبصري..فما أثر علي كما أثر عليك
.
فإن كنت أنت تقارني بالعارضات والممثلاث، لأخرج من صفقة المقارنة الخاسرة.
فإني كنت كلما قارنت بتافه من فسقة الشاشات، خرجت أنت الرابح..
تدخل علي بزيك المتواضع، الذي تكرمش وأصابه من الغبار والعرق ما أصابه، فلا يخطر ببالي أن أقارنك بفاتن الشاشة الذي يدخل على حبيبته وكأنه خرج من عند مزين، مكوي الثوب أنيق المظهر، بل أشفق عليك من التعب، الذي أعرقك وكرمش ثوبك، وأشكر لك إذ تعبت من أجلي ومن أجل أولادك، وأمتن لك إذا آثرت أن تلبس ثوبا عاديا تلبسه مرة واثنين ومئة حتى تحافظ على مصروف البيت..
.
تدخل علي بشكلك العادي الذي لا يمت لفاتن الشاشة بصلة، فلا أندب حظي لأني ما حضيت بعريض المنكبين، طويل القامة، ذي الشعر الحريري والعيون البراقة، بل أحمد الله ثم أشكر لك أن اخترتني من بين النساء لأكون لك زوجا وسكنا.
.
لا أراك تدخل علي بالوردة الحمراء، ولا أرى تلك النظرة الحالمة الرومانسية في عينيك، ولا أراك تجيد كلمات الحب المزلزلة كما يفعل فاتن الشاشة مع حبيبته، لكني أرى ما هو أكبر من ذلك وأبلغ، أراك تحمل في يديك كيس الخضروات والفواكه، لقد تعبت لتجلب المال ثم بعدها أنفقته علينا بطيب نفس، أرى في عينيك تراكمات سنين من تحمل المسؤولية والصبر، فأحبها لذلك، أراك حياتك كلها تضحية تنطق بالحب فأرتوي بذلك ويكفيني مني ذلك،..
.
أراك يتغير شكلك، أرى شعرك قد تساقط، أرى وجهك ذهب شبابه ونضارته، أرى مشيتك تغيرت، حركتك تغيرت، أرى كل شيء فيك ما عاد كالأول، لكني ما ندبت حظي وما سألتك يوما أن تصلح من ما فعلته الأيام،وما قارنتك يوما بالشاب الفتي، ولكن كان كل شيء يتغير فيك يذكرني بتاريخ من العطاء بسينين قضيناها سويا فكبرنا سويا. ..
.
أعلم أنني برغم الجهد الذي أبذله لأتجمل لك فلن أعود كما كنت في بداية الزواج، أعلم أن يدي التي أفنيتها لخدمتك لن تعود لنضارتها الأولى مهما فعلت، أعلم أن بطني الذي تشقق وبرز لأنجب لك طفلك لن يعود كما كان قبل الإنجاب مهما بذلت، أعلم أن شعري الذي تساقط بالحمل والرضاعة وعظمي الذي وهن لن يعود كما كان، أعلم أن وجهي الذي الذي بدت عليه علمات السنين لن يعود كما كان.. أعلم لكني أبذل ما الكثير الكثير لأتجمل لك، كلما سمعت عن وصفة جربتها، أحرم نفسي من الأكلة أحبها ، أتعب نفسي بالتمارين عسى أن أحافظ على ما تبقى من قوامي.. أفعل وأفعل وأعلم أنك ما عدت ترضى بشكلي وأنك بت تصرح بهذا هنا وهناك في الواقع والمواقع. .
.
أعلم أنك بت تقول إنك تتأفف من أن تقبل يدي وأنا في مطبخي وسط البصل والثوم أطبخ لك، لكني لن أقول لأحد أني أتفف من رائحة عرقك أو رائحة رجليك، أو الغبار الذي علق بيديك، لكني سأقبل تلك اليد التي تعبت من أجلي وسأغسل التي الأرجل التي تورمت من أجلي.
أعلم أمورا كثيرة تؤذيني فيك، وتؤذيني لكني أتحمل ولا أبادل الأذى بأذى، حتى لا تفقدني الحياة التغريبية إنسانيتي واحترامي لنفسي، وحتى يرضى عني ربي..
ولأنني كما قلت لك اراك تستحق أن أتحمل منك وأصبر عليك، فأنت أجمل بكثير من فاتن الشاشة وأكثر رقة وأكثر إحساسا بالمسؤولية وفضلك علي كبير..
وإني أحمد الله أن جعلني أرى فيك ما عجزت أن تراه في.. فاسعدني بك وأنت التعيس بي..
وفي القلب أمل أن تتوضح لديك الرؤية فترى في ما حجب عنك من خير.. فإنك إن فعلت ستسعد بي اضعاف ما أنا سعيدة بك.