رقصة نتنياهو الأخيرة
يونس السيد
لم يعد أمام نتنياهو المتسع من الوقت؛ لمواصلة الرقص فوق ملفات الفساد الغارق فيها حتى أذنيه؛ وذلك رغم هامش المناورة، الذي تمنحه الأجندة الزمنية لسير التحقيقات القانونية؛ بعد أن تلقى صفعة قوية من أقرب المقربين إليه، واستعداده ليكون «شاهد ملك» ضده في قضية فساد جديدة.
سرعة التحقيقات والكشف عن فضائح جديدة، حرمت نتنياهو من أي فرصة لالتقاط الأنفاس، أو القدرة على المناورة؛ بعد أن كاد يركن إلى عدم رغبة ائتلافه الحكومي في التخلي عنه أو دفعه للدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة في ظل الظروف والتعقيدات الإقليمية والدولية الراهنة؛ لكن يبدو أن اتساع نطاق التحقيقات، وتوفر الدلائل على تورط نتنياهو جعلت الكثير من هؤلاء يعيدون النظر في حساباتهم؛ إذ لم يمر الكثير من الوقت على التوصيات، التي قدمتها الشرطة بتوجيه الاتهام إلى نتنياهو في قضيتي الفساد، اللتين حملتا الملف رقم (1000) و(2000)، والمتعلقتين بتلقيه رشاوى من رجال أعمال بمئات آلاف الدولارات، واتفاقه مع مالك صحيفة «يديعوت أحرنوت» بتوفير تغطية إعلامية إيجابية له مقابل تسهيلات معينة، حتى بدأت الشرطة تحقيقات في ملف فساد جديد، قد يكون الأخطر من نوعه، وربما يمثل ضربة قاضية تطيح نتنياهو، وقد ترسله إلى السجن، واعتزال الحياة السياسية.
والسبب أن «الملف 4000» يتضمن قضيتين في غاية الخطورة؛ الأولى تتعلق بتورط نتنياهو بصفقة رشاوى مع رجل الأعمال شاؤول ألوفيتش، نفذها من خلال وزير الاتصالات السابق شلومو فيلبر، وهو من أهم المقربين إليه، وبموجبها تم منح ألوفيتش؛ مالك شركة «بيزك للاتصالات»، منافع مالية وامتيازات غير قانونية بأكثر من مئة مليون دولار، مقابل أن ينحاز موقع «واللّا» الإخباري، الذي يملكه، إلى جانب نتنياهو وعائلته، وهو ما تم فعلاً، وفق اعترافات المدير العام للموقع ومحرره السابقين، والخطورة تكمن هنا في توصل الشرطة إلى اتفاق عُدَّ «القنبلة» مع فيلبر، منفذ الصفقة؛ ليكون «شاهد ملك» ضد نتنياهو، فيما تكمن القضية الثانية في فضيحة عرض رشوة على قاضية متقاعدة؛ لتغلق ملفاً ضد سارة زوجة نتنياهو، مقابل تعيينها مستشارة قضائية للحكومة، وهو ما أكدته رئيسة المحكمة العليا في إفادتها للشرطة. مع التذكير بأن مقرباً آخر من نتنياهو هو آري هارو رئيس طاقم مكتبه سابقاً، سيكون «شاهد ملك» في الملفين السابقين، اللذين أوصت الشرطة بمحاكمة نتنياهو بالرشوة بناءً على مضمونهما. فهل يواجه نتنياهو مصير سلفه أولمرت؟ أغلب الظن أن المسألة ستكون مسألة وقت على الأرجح.
younis898@yahoo.com