قضايا ودراسات

زواج أون لاين

محمد سعيد القبيسي

«شقراء بألوان الأوراق المتساقطة في فصل الخريف، طولها يخطف الأبصار، تتلون عيناها بألوان المحيط المتدفق نحو الشاطئ، تنبع بالحنان ليلاً وطباخة ماهرة نهاراً».
هل هذه مقدمة لرواية رومانسية؟ لم تكن الجملة الفائتة سوى أحلام شاعرية أرسلها أحد الحالمين المتأثرين بالروايات الأجنبية والمسلسلات التركية إلى إحدى خطّابات «الأون لاين» بحثاً عن زوجته المستقبلية بنكهة «عسلية»! تحت شعار «يا بخت من وفق رأسين بالحلال» ومقابل مبلغ زهيد يتم دفع جزءٍ منه قبل بداية البحث مع استكمال الباقي عند عقد القران. ستجد لك الخطابة بواسطة عصاها السحرية عروساً أو فارس الأحلام دون عناء. كل ما عليك هو انتظار سماع قرع الطبول إعلاناً لزفافك.
لا أعلم من أين وكيف أبدأ هذا الموضوع الحساس، ذلك أن ما يشغلني في هذا المقام هو على من يقع اللوم: على العارض، أم الطالب، أم الوسيط؟ والموضوع باختصار هو انتشار الخطّابات ونشاطهن على مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية ومؤخراً على «واتس أب».
كثيرة هي القضايا والجرائم التي كان سببها الخطّابات وكان ضحاياها من اللواتي أو الذين يبحثون عن شريك الأحلام عبر هذه الخدمات الإلكترونية حيث لا تتم أي عملية بحث أو إرسال المعلومات من قبل الخطّابات إلى الباحثين قبل إرسال جزء من النقود. وفي بعض الحالات أو أغلبها تقوم الخطّابات المزعومات بجمع الأموال ليختفين بعدها دون رجعة بعد أن يوهمن الباحثين بتوفر بنكهن المعلوماتي على الشريك المثالي.
حالات نصب واحتيال حقيقية بواسطة معلومات وهمية هدفها استغلال بعض الحالات والفئات الجاهلة التي تعتبر هذه الإعلانات موثوقة.
كيف وصلت الحال ببعض الناس إلى هذه الدرجة من السذاجة وتصديق أشخاص يبيعون الوهم والأحلام؟ وما هي أسباب التخلي عن الطرق التقليدية لإيجاد الشريك المناسب بواسطة الأهل والأصدقاء من أهل الثقة والصدق والأمانة والحكمة؟ منذ فترة قريبة تم إلقاء القبض على إحدى الخطّابات أغرت بالحيلة خمس عشرة فتاة حالمة بالزواج من فارس مغوار استبدل الحصان الأبيض بأثير موجات الإنترنت الإلكترونية فيما يُعرف ب «الزواج الإلكتروني أو الأون لاين» ما دفعهن إلى إرسال مبالغ مالية إلى الخطابة التي اختفت بعدها وبحوزتها غنيمة مبالغ كبيرة في حين أن هؤلاء «الحالمات»، وخوفاً من انكشاف أمرهن، قد آثرن السكوت وعدم تبليغ الجهات المختصة لولا شجاعة إحدى الفتيات التي قامت بإبلاغ الشرطة والإيقاع بهذه المخادعة.
لو عدنا بالزمن إلى الوراء للتعرف إلى الخطابة آنذاك لأدركنا أن معظم الزيجات قد تمت عن طريقها. إنها سيدة يقصدها الراغب في الحصول على زوجة أو الباحثة عن زوج. يجب أن تكون الخطابة ملمة بالأسر والعائلات ضمن نطاق المدينة أو المنطقة التي تعيش بها. ونكمل الأسبوع المقبل.

abudhabi@email.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى