سارة جمعة الريسي
يوسف أبو لوز
تحية كبيرة، مقرونة بالاحترام والتقدير الكبيرين إلى المواطنة الإماراتية الشابة سارة جمعة الريسي، التي ضربت أعلى وأنبل مثال على العطاء والتضحية والكرم عندما منحت والدها كليتها لتنقذه من المرض، وتعيد إليه بهجة الحياة.
ما قامت به سارة نحو أبيها ليس تبرعاً، بل هو ذروة معنى العطاء، فهي زرعت كليتها، جزء من دمها ولحمها، في جسد أبيها، لتتوحد البنوة في الأبوة في أنقى درجات المحبة والإنسانية وهي تخضع إلى عملية جراحية إلى جانب أبيها في صورة رائعة لاستكمال الحياة في الحياة، والروح في الروح.
شابة في الثانية والثلاثين من عمرها، أبت أن ترى والدها وهو يعاني الألم، فقاسمته عذاباته، بل، أنقذته من محنة المرض، وأعادت إليه بسمته الأبوية الحميمة، وهي كما طالعنا أمس في الخبر والصورة في جريدتنا الخليج تحضن والدها، وتضع رأسها على رأسه في صورة من أبهى درجات الحنان والرأفة والطيبة في قلب ابنة طيبة الروح والمنبت والتربية.
نعم.. سارة جمعة الريسي هي نتاج تربية عائلة كريمة.. عائلة من الإمارات، ومن روح الإمارات، ومن ثقافة الإمارات التي دربت الإنسان في بلده وخارج بلده على معنى البذل والتسامح والرفق.
أمامنا، أخي القارئ.. أختي القارئة.. نموذج إنساني إماراتي شجاع، وسارة، شجاعة بكل معنى الشجاعة، فهي لم تجزع ولم تخف ولم تتردد في نقل كليتها إلى والدها، لتسجل بذلك نموذجاً عملياً على نبذ الأنانية والذاتية من نفس الإنسان الذي يتحول إلى درجة سامية من شفافية قلبه، وكيانه الآدمي العظيم.
قبل ثلاثة أيام فقط كانت مناسبة اليوم العالمي للمرأة، وها هي المرأة العربية الإماراتية في بلد الثقة بالمرأة واحترام المرأة تكتب عنواناً إنسانياً عظيماً عملياً وليس شعاراتياً دعائياً سرعان ما يذوب في وسائل الإعلام.
قصة سارة جمعة الريسي قصة بطولة، وقصة نبل، إنها أيضاً تعبير بلاغي بلا أي تزويق عن طبيعة الشباب الإماراتي الناشئ على أخلاقيات وتربويات أهله وآبائه وأجداده.
الشباب الإماراتي، متمثلاً في نموذج سارة جمعة الريسي لم يغرق في رغويات العصرنة والعولمة والموديل والموضة والسطحية والميوعة، بل إن شباب وشابات الإمارات مشدودون إلى تراثهم وتراث بلادهم وثقافة عائلاتهم وأصالة هذه العائلات وإرثها الشعبي الأصيل.
من ذلك الإرث، ومن تلك الأصالة يبرز نموذج سارة جمعة الريسي، وغيرها الكثير من الشباب والشابات الذين نجحوا وأبدعوا اليوم في الإدارة، والتربية، والإعلام، والاقتصاد، والثقافة، والفنون.. والنماذج المتفوقة كل في مجاله.. كثيرة.
الإمارات.. وطن الخير وثقافة الخير في عام زايد الخير، وفي كل الأعوام.. ليس غريباً عليها وعلى أهلها شجاعة وكرم سارة جمعة الريسي الابنة البارة.
yabolouz@gmail.com