شبابنا يتعلم قيم التسامح في المدارس
سليمان حامد المزروعي
من الهجوم الإرهابي الشرس على الأطفال الأبرياء في مانشستر، إلى قتل الإيزيديين في العراق، وقتل المسيحيين بدم بارد في مصر، فإن العنف الذي يرتكب باسم الإسلام كثيراً ما يحتل العناوين الرئيسية للأخبار، وبصفتي سفيراً لدولة إسلامية حليفة لبريطانيا، أقول لكم إننا نتضامن مع سكان مانشستر، المدينة التي تربطها علاقة وثيقة مع الإمارات العربية المتحدة.
نحن نقف أيضاً إلى جانب بريطانيا وحكومتها في حربها ضد التطرف، فهذه الحرب ليست مجرد حرب معزولة ضد عدد من الإرهابيين فحسب، بل ضد ثقافة متطرفة بأكملها تدعم وتشجع الإرهابيين.
إنه من الخطأ إلقاء اللوم على كل المسلمين إزاء هذه الهجمات، فالمسلمون هم أكثر ضحايا الإرهابيين، فتنظيم «داعش» الإرهابي التافه يعتبر إهانة للإسلام، وبذات القدر من الخطأ أيضاً الادعاء بأن المسلمين في أحيان كثيرة هم المجرمون.
نحن لدينا صدع كبير في ديننا بين الغالبية المعتدلة والهامش العنيف، وعلى الرغم من ذلك، فالهامش قلة من الإرهابيين المعزولين الذين ينفذون الهجمات الإرهابية، أما الغالبية فتشمل أيضاً عدداً كبيراً من الناس الذين يرفضون الإرهاب.
إن الإرهاب بمثابة المرض الذي ينتشر سريعاً وسط السكان الذين لا يقاومونه، فالشخص الذي تربى ليزدري غير المسلمين، ويتشبث بزعم أنه الضحية فتلك مسألة ليست في محلها وعفا عليها الزمن، فهو يمجد العنف باسم الدين، ويستطيع بسهولة إقناع الناس بقضيته، وهذه التعاليم تشجعها الحركات الإسلامية، مثل تنظيم الإخوان المسلمين.
يعتبر شعار تنظيم الإخوان المسلمين الذي يقول «الجهاد سبيلنا، الموت في سبيل الله غايتنا»، هو أحد أكثر الشعارات التي تحمل بذرة التطرف، وأكثرها نشراً للكراهية، ووجدت دراسة أجراها مركز الدراسات الدينية والجيوسياسية في العام الماضي، أن واحداً من كل أربعة من قادة الإرهاب في الشرق الأوسط وإفريقيا لديهم ارتباط بتنظيم الإخوان المسلمين، فلا عجب أن زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أيمن الظواهري وزعيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي خرجا في الأصل من تحت عباءة تنظيم الإخوان المسلمين، والإمارات قامت بحظر هذا التنظيم في عام 2014.
ومن أجل لجم دعاة الكراهية قمنا أيضاً بوضع ضوابط صارمة على المساجد، فكل المساجد في الإمارات مسجلة لدى الحكومة، كما يتم تدريب الأئمة والموافقة عليهم من قبل هيئة الشؤون الإسلامية وكذلك يتم تنظيم ومراقبة الخطب الدينية. ففي رأينا هناك علاقة بين الخطاب الديني المتطرف والإرهاب، الحكومة البريطانية لديها الحق في مساعيها للحد من انتشار التطرف في المدارس والجامعات والمساجد والنظر إلى ما وراء الإرهاب ليشمل مشكلة التطرف الواسع الانتشار.
نحن نعلم أنه لو أردنا أن نعالج هذا المرض بنجاح، فلابد من خلق جسم مضاد، ونعتقد أنه من الممكن القيام بذلك من خلال التعليم وضمان أن الشباب المسلم يتعلم احترام أديان الآخرين. ولعدة سنوات سعى تنظيم الإخوان المسلمين زرع كوادره في مواقع السلطة في المدارس والجامعات بغية التغرير بالشباب الصغار، وهذا أمر مرفوض لدينا، فنحن نعلمهم قيم التآخي والتسامح في مدارسنا، مع حقهم في التمسك بمعتقداتهم بقوة، كما ينبغى عليهم القبول بالآخرين مهما كانت معتقداتهم. ولأ جل ذلك أنشأت الإمارات العربية المتحدة العام الماضي وزارة التسامح، وقامت بتعيين أحد وزرائنا الكبار: الشيخة لبنى القاسمي، فدورها هو ضمان أن السياسات الحكومية كلها تشجع على الاحترام والقبول بمعتقدات وثقافة كل الجماعات المختلفة التي تقيم في دولتنا، حيث تقوم وزارتها بمراجعة المناهج لضمان أن أطفالنا يترعرعون في بيئة متسامحة، فأطفالنا يستطيعون رؤية نموذج التعايش السلمي عند تعاملنا مع الأديان الأخرى، ففي حين يجرى تدمير الكنائس في العراق، فإنه يتم بناء كنائس في دبي وأبو ظبي.
يبدو أن إرهابي مانشستر خطط للهجوم الذي نفذه مع آخرين، بمعنى اشمل، لم يقم بفعلته منفرداً، وتقاسم طريقة تفكيره مع آخرين، فمحاربة الإرهاب لا تتم من خلال الإجراءات الأمنية فحسب، بل الفكرية أيضاً، ويجب علينا ألا نبحث فقط عن الأشخاص الذين علّموا إرهابي مانشستر كيف يقتل، بل من علّموه الكراهية أيضاً.
* سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في لندن
* المقال نشر في عدد من المواقع البريطانية