صراع واشنطن وموسكو
صادق ناشر
لم يعد يخفي المسؤولون الأمريكيون والروس سوء العلاقة القائمة بين البلدين على المستويات كافة، فمنذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض نهاية عام 2016 والعلاقات تمضي من سيئ إلى أسوأ، ومحطات الخلافات ين الجانبين تتسع رويداً رويداً، وبدأت تتشابك لحد الصدام في ميادين دبلوماسية وعسكرية وفي مناطق عدة من الصراع، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن الكثير من المراقبين كانوا يتوقعون تحولاً كبيراً في العلاقات السياسية والدبلوماسية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد وصول ترامب إلى السلطة، قياساً بما كانت تبشر به مختلف وسائل الإعلام الأمريكية والروسية على السواء من إعجاب روسي بالرئيس الأمريكي الجديد وإعجاب الأخير بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن العلاقات أخذت بعداً سلبياً في المرحلة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، خاصة بعدما وضعت روسيا تحت غضب الإعلام وبعض دوائر القرار الأمريكي بسبب اتهامات لروسيا بالتدخل بنتائج الانتخابات لصالح الجمهوريين على حساب الديمقراطيين.
وجاءت الحرب الدائرة في سوريا لتضيف أزمة أخرى إلى العلاقات بين الإدارة الأمريكية والكرملين، خاصة وأن الجانبين على طرفي نقيض فيما يتعلق بمفهوم الصراع وأدواته، فالولايات المتحدة تقف ضد النظام السوري، الذي تقف روسيا إلى جانبه في المعركة الكبرى التي يخوضها ضد خصومه، فيما شكلت الأزمة الساخنة في أوكرانيا ملفاً من الجفاء بين الجانبين.
الأزمات التي تمر بها العلاقات الروسية الأمريكية حالياً، عادت لتذكر الناس بأجواء الحرب الباردة التي كانت قائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي في القرن الماضي، وكانت سبباً في خلق أجواء متوترة بين البلدين وحلفائهما على مستوى العالم.
وقد ترجمت الخلافات العميقة بين البلدين بتبادل طرد دبلوماسيين من أراضيهما العام الفائت وإغلاق قنصليات في ولايات أمريكية وغيرها، إضافة إلى فرض الولايات المتحدة عقوبات على روسيا، والتنسيق في ذلك مع حلفائها في الاتحاد الأوروبي.
لا ينكر المسؤولون الروس والأمريكيون الحالة السيئة التي تمر بها العلاقات بين البلدين في الوقت الحاضر، حتى أن مسؤولاً روسياً قال بصراحة إنه سيكون «صعباً للغاية» تحسين هذه العلاقات التي تدهورت لأسباب عدة في وقت قريب، خاصة بعد الاتهامات الأمريكية بالتدخل الروسي في الانتخابات التي شهدتها الولايات المتحدة في نوفمبر 2016، موجهة التهمة ل 13 روسياً تقول واشنطن إنهم متورطون في هذا التدخل، حيث بدأت عدة لجان في الكونجرس الأمريكي والمدعي العام في التحقيق بشأن معلومات حول هذا التدخل، الذي تنفيه موسكو، فيما تحولت موسكو إلى الهجوم المضاد، حيث اتهمت الأمريكيين بمحاولة التدخل في الشؤون الداخلية الروسية قبل الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل.
في نهاية المطاف فإن معارك الكبار تدفع ثمنها الدول الصغيرة، التي تدور في فلكها، وفي مشهد الصراع الروسي الأمريكي فإن الأثمان التي تدفعها هذه الدول كبيرة وثقيلة، فالصراع المحتدم في سوريا منذ سنوات، على سبيل المثال، يعد انعكاساً طبيعياً للخلافات بين البلدين، لكن الذي يدفع الثمن هم الأبرياء لا غيرهم.
Sadeqnasher8@gmail.com