عبدالله السعدون
صندوق الاستثمارات العامة أصبح من أهم محركات الاقتصاد في المملكة، وبعكس ما يظن بعض رجال الأعمال من أن الصندوق أصبح منافساً، إلا أن ما أعلن عنه ولي العهد ورئيس مجلس إدارة الصندوق مؤخراً من إنشاء شركة “داون تاون” يدل على أنه محفز ومهيئ للبنية التحتية التي يتطلبها القطاع الخاص..
من الجميل أن تعيش مرحلة البناء في دولة آمنة ومستقرة، دولة جعلت من الإنسان ومتطلباته الأساسية مرتكزاً للتنمية، وأصبحت جودة الحياة من أهم مستهدفات الرؤية وبرامجها المختلفة. تشعر بالفخر والاطمئنان حين تنتمي لدولة قوية تسعى بكل جد ونشاط لبناء اقتصاد قوي متعدد المصادر، ويتخذ من الميزة النسبية للمملكة منطلقاً ترتكز عليه معظم المشروعات ومصادر الدخل، وأهم عناصر نجاح الخطط هي القيادة القوية والمتابعة، والشعب المخلص والذكي، شعب أثبت أنه يحب الحياة، ولديه سعة الأفق، وفيه نسبة عالية من المتعلمين في أرقى جامعات العالم.
قبل أيام أعلن ولي العهد رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق شركة “داون تاون السعودية”، والتي تهدف إلى تطوير البنية التحتية للمدن، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمستثمرين عبر تقديم العديد من الفرص الاستثمارية الجديدة في قطاع الأعمال والتسوق والسياحة والترفيه والإسكان، مما يسهم في إنعاش الاقتصاد المحلي والارتقاء بجودة الحياة، والجميل أن الصندوق استهدف هذه المرة اثنتي عشرة مدينة في مختلف مناطق المملكة، مما سينتج عنه فوائد كثيرة، من أهمها:
أولاً؛ هذه المدن التي وردت في إعلان الصندوق بأمس الحاجة إلى مشروعات نوعية تسهم في القضاء على البطالة، وتمنع الهجرة من تلك المدن، وتشجع القطاع الخاص على المشاركة في البناء والتشغيل. فالقطاع الخاص دائماً بحاجة إلى مشروعات حكومية كبيرة تضع البنية التحتية وتتكفل بتكاليفها الباهظة، وليضمن الدعم والعائد المجزي، كما حصل في الماضي حين تم إنشاء الشركات الكبيرة مثل أرامكو والهيئة الملكية للجبيل وينبع والمدن العسكرية وغيرها. القطاع الخاص حين يجد التشجيع يخلق من الوظائف أضعاف ما تؤمنه المشروعات الحكومية.
ثانياً؛ من المشروعات المهمة والمتعددة الفوائد أنسنة المدن، والتي تعد من أهم مستهدفات الرؤية 2030، ومن أهم أسباب جودة الحياة، ومن المشروعات التي تسهم في ذلك الحدائق الكبيرة التي تعتبر متنفساً لسكان تلك المدن، ولو ذهبت إلى أي مدينة من مدن الغرب لوجدت أن أفضل ما فيها حدائقها الكبيرة، والتي تعد رئة المدينة، والمكان المفضل لقضاء أوقات سعيدة للأسرة، كما تشجع على ممارسة أنواع الرياضة وخصوصاً رياضة المشي. ويمكن أن تقام على جوانب الحديقة مشروعات جاذبة للسياحة كالأسواق المركزية التي تحتوي على كل ما تحتاجه المدينة من وسائل الترفيه أو النزل. ومن المشروعات الناجحة على أطراف الحدائق مباني المدارس النموذجية التي تؤجر فيما بعد للشركات الرائدة في مجال التعليم، كما يمكن تجهيز مراكز رعاية نهارية ومراكز لكبار السن يتولى تشغيلها الجمعيات الأهلية المتخصصة أو القطاع الخاص، هذه المشروعات النوعية لها فوائد صحية وبيئية واقتصادية، ذلك أنها مهمة لصحة الساكنين وجذب السائحين لتلك المناطق وتحريك عجلة الاقتصاد، وقد قدرت الأضرار الناتجة عن التلوث بأنواعه في المملكة بما لا يقل عن 83 مليار ريال سنوياً، ولا شيء يكافح التلوث بكل أنواعه كالشجرة في وسط المدينة.
ثالثاً؛ جميل أن يشار إلى الميزة النسبية لكل منطقة ومدينة، فالنجاح الحقيقي للمشروعات هو في تركيزها على الميزة النسبية لكل مدينة، فالطائف على سبيل المثال ستستفيد كثيراً من اعتدال مناخها وقربها من مكة المكرمة، ومثلها المدينة المنورة بوجود المسجد النبوي والكثير من الآثار الإسلامية منذ عهد النبوة، وفي الخبر يمكن تسيير السفن السياحية منها إلى بقية دول مجلس التعاون وخاصة دولة البحرين للتخفيف من الحوادث والزحام، وهكذا مع كل مدينة تم اختيارها لتكون منطلقاً لهذه الشركة الواعدة بإذن الله.
صندوق الاستثمارات العامة أصبح من أهم محركات الاقتصاد في المملكة، وبعكس ما يظن بعض رجال الأعمال من أن الصندوق أصبح منافساً، إلا أن ما أعلن عنه ولي العهد ورئيس مجلس إدارة الصندوق مؤخراً من إنشاء شركة “داون تاون” يدل على أنه محفز ومهيئ للبنية التحتية التي يتطلبها القطاع الخاص للاستثمار في تلك المدن.
نقلاً عن “الرياض“