غير مصنفة

عكس التيار

ابن الديرة

لم يكن الوصول إلى الحكومة الإلكترونية سهلاً، ولم يكن تجاوزها إلى الحكومة الذكية سهلاً، وكان الطريق إلى الأداء الحكومي المتميز صعباً وطويلاً سلمه. كان ثمرة جهود متعاظمة بذلتها الإدارات التنفيذية وفرق العمل. كل هذا صحيح وأكيد ومشهود وملموس، وكل هذا هو الأغلب الأعم يقيناً، لكن ما للبعض ما زال يراهن على التخلف الإداري والبيروقراطية وعدم المرونة؟ ما للبعض ما يزال يقيس تميز أدائه، في فعل معاكس للسائد، بكمية الورق وكثرة التوقيعات؟ ما للبعض ينزع نزوعاً نحو التأجيل وكأنه هوايته المفضلة.
هذا البعض، مهما قلّ، يجب أن يراقب ويحاسب، لأنه، ببساطة شديدة، يسير عكس الاتجاه العام، مخالفاً الفكرة من أساسها، وذاهباً إلى التشبث بالماضي الإداري كل مذهب، وكأننا لم نتقدم قيد أنملة، وكأننا لم نحرز المراكز الأولى والمتقدمة في مؤشرات الأداء.
الموضوع، لهذه الجهة، مهما قلّ عدد أهله، أحوج ما يكون إلى المراجعة، فهذه الإدارات تمثل بقعاً سوداء لا تنسجم أبداً مع المشهد الجميل العام. الحكومة ترفع شعار التسهيل على المواطنين والمقيمين، وشعار تقديم أفضل الممارسات العالمية في مختلف المجالات، فما بال هؤلاء يعملون عكس التيار وكأنهم خارج المرحلة أو العصر؟.
المرحلة مرحلة الهياكل التنظيمية الرشيقة بعد أن ذهبت الهياكل القديمة المترهلة إلى غير رجعة، والهياكل الحكومية هنا وفي كل مكان، كما هو معلوم، ليست خطوطاً صماء، وليست حبراً على ورق. الهياكل الحكومية أشبه ما تكون بكائنات حية لها وعيها ومخها وأعصابها وحركتها وعلاقاتها، الأمر الذي تحقق في الأغلب الأعم على نطاقات واسعة، فلماذا
مازال البعض، مؤسسات وأفراداً، يصر على داء البيروقراطية البغيض؟
يقول سين صاد، إن معاملة إقامة زوجته أتلفت أعصابه من كثرة الأوراق والتوقيعات، ويقول جيم ميم عين، إن أخشى ما يخشاه أن تكون بعض الإدارات الخدمية تفرق، من حيث التسهيل وعدمه، بين تقديم الخدمات والتحصيل، فلا سهل لديها، عبر التطبيقات الإلكترونية السلسة إلاّ تحصيل الرسوم، وهذه مفارقة لافتة، يضيف جيم ميم عين.
أصوات لا بأس بها ترتفع بمُرّ الشكوى من إجراءات بعض الدوائر الحكومية على المستويين الاتحادي والمحلي، مطالبة بوقفة جادة، مع هؤلاء الذين «يمشون عكس التيار». من يمشي عكس التيار لا يصل، يؤكد نُون باء راء.
يؤكد على كل ذلك جيم دال، مشيراً إلى أن البعض لا يهدأ أو يهنأ إلاّ عندما يرى الملفات الورقية الضخمة مكدسة على مكتبه أو حتى على أرض المكتب، وكأن العالم فعلاً من ورق. أطالب برقابة إدارية جادة سابقة ولاحقة، يضيف جيم دال، ومعه الحق بلا جدال.
فما رأي الجهات المسؤولة؟ نعم المشهد الجميل غالب، لكن لا بد من محاسبة من يريد تشويهه بوعي أو من دون وعي.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى