فخامة الرئيس وثقوا تاريخ مصر فنياً
حامد الأطير
فخامة الرئيس لكم كل التحايا وصادق الدعوات بالتوفيق والسداد والرشاد.
اسمح لي بالتوجه مباشرة بمطلبي إلي فخامتكم بضرورة وحتمية إنقاذ مصر من العبث والكذب والادعاء والافتراء وذلك بتوثيق حضارتها وتاريخها، حضارتها العبقرية التي لازال يغلفها ويلفها الغموض وتستعصي على الفهم، وتاريخها التليد الذي يضرب بجذوره في أعماق الزمن لأكثر من (7) سبعة آلاف عام، فمصر صاحبة أطول تاريخ متواصل وممتد على وجه الأرض.
وما أقصده بالتوثيق ليس الأرشفة الورقية والإليكترونية للتاريخ المطبوع والمنحوت على الحجر في المعابد والمقابر والمسلات فحسب بل المقصود قيامكم مشكورين بإنتاج تاريخ مصر فنياً ليصبح مصوراً في أفلام تسجيلية وأفلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية وأفلام كرتونية وأفلام تعليمية واشكال فنية متطورة قابلة للعرض من خلال السوشال ميديا.
إن تاريخ مصر متنوع ويبدأ بما يسمى بالتاريخ العتيق أو عصر ما قبل الأسرات (4400-3000 ق.م) ويمتد حتى عامنا هذا (2019) .
تاريخ قديم ومبهر وثري على مر مئات وآلاف السنين بأنجازاته وبنائه وإعجازاته وحروبه وصراعاته وأحداثه ومعاهداته وشخصياته وعظمائه وخائنيه، وبعصوره العتيقة والقديمة والوسطى والحديثة، وبمحتليه الفرس والبطالمة (اليونانيين) والرومان والأقباط (المسيحيون) والمسلمون (الأمويون والعباسيون والطولونيون والإخشيديون والفاطميون والأيوبيون والمماليك والعثمانيون) والفرنسيون والإنجليز والإسرائيليون, إنه أقدم وأعظم عمل درامي حي وفريد لا مثيل له ولا شبيه، لازال وسيظل حياً يحير العقول ويخطف الألباب ويزيغ الأبصار.
إن تحقيق هذا الهدف النبيل لهو من أولويات الأمن القومي لأنه يحمي ويحفظ مصر وشعبها وتاريخها من كذب وادعاء الأغيار المستمر دون ملل لمحاولة إثبات أن لهم دور أو مساهمة في إنتاج وأبداع هذا الإرث الحضاري العظيم الذي يستكثرونه على المصريين، ولا أدل على ذلك من محاولات اليهود المستمرة في هذا المضمار وهم المروجون لأنفسهم بأنهم وراء كل إعجاز أو إنجاز بشري على وجه هذه البسيطة باعتبارهم شعب الله المختار!
تاريخنا وحضارتنا من أشد وأقوى عناصر ومكونات القوة الناعمة المصرية التي تستطيع أن تؤثر في الآخرين وتجذبهم إلينا وتجعلهم يتعاطفون معنا ويتبنون مواقفنا وهما القوة الروحية والثقافية الهائلة التي يجب أن تكون دافع ومحفز ووقود لانطلاق الأجيال الحالية والقادمة نحو التميز والتفرد والتطور والتقدم تأسياً بجدودهم المصريون القدماء العظماء الذين تفردوا على العالمين قديماً ولازالوا متفردين الى الآن بعلمهم المُعجز وحضارتهم الراقية.
وهناك دول حديثة العهد والنشأة كأمريكا صنعت لنفسها تاريخاً مصوراً (أفلام ومسلسلات) غيرت به الحقائق والوقائع وزورت به التاريخ وسيطرت على العقول واكتسبت ملايين بل مليارات المحبين والمريدين والمؤيدين في كل أنحاء العالم.
فخامة الرئيس لتصدروا قراركم الفوري بإنشاء هيئة لتوثيق وإنتاج التاريخ المصري فنياً بإمكانيات هائلة وبموارد غير محددودة وبجودة عالية وبمستوى عالمي على أن تُخصص لتلك الهيئة ميزانية ضخمة وتُشكل من كل الجهات التي يمكن أن تتضافر جهودها وتساهم في تحقيق هذا الهدف ومثال ذلك القوات المسلحة بإمكانياتها الهائلة ووزارة الآثار ووزارة الثقافة ووزارة التعليم وأساتذة وأقسام التاريخ بالجامعات وهيئة الاستعلامات وفريق من المؤلفين والفنانيين والمخرجين والمصورين المحليين والعالميين إلخ، ويتم تمويل هذه الهيئة من إيرادات الدولة علاوة على الاقتطاع من ميزانيات وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة ووزارة الإعلام الممثلة في (الهيئة الوطنية للإعلام) أو (المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام) ووزارة الخارجية وغيرهم لصالح هذه الهيئة، فمعظم هذه الوزارت يُنفق عليها دون أن تحقق الأهداف المرجوة منها.
سيادة الرئيس لقد حوصرنا من الأعداء وتكالبت علينا الأمم من كل حدب وصوب وأصبح لزاماً علينا اليقظة التامة والمستمرة لمواجهة أطماعهم وأحلامهم الاستعمارية، وفخامتكم على علم تام بأن الإعلام بات أهم وسائل وأدوات حروب الجيل الرابع التي تُستخدم في استعمار وتدمير البلاد، حيث يتم السيطرة على عقول الشعوب لتغيير تصوراتها وقناعاتها وأولوياتها وتبديل قيمها والتلاعب بوجدانها لسهولة توجيهها لتحقيق مصالح الغازي والمحتل، لذا فإن الحفاظ على هويتنا وتاريخنا والاعتزاز بحضارتنا والافتخار بهم يوقظ الحس الوطني ويحفز العقل الجمعي ويوفر الوعي بالأخطار المحدقة ويضمن الاستقلال ويضمن مواجهة ودحض محاولات الأعداء الحثيثة لتحقيق أهدافهم الخبيثة، كذلك سيضمن مواجهة كتائب الإعلام المخربة المسعورة التي وبحجة حرية الإبداع تشوه صورة أم الدنيا وتحط من قدرها وتصورها كماخور وتلصق كل الموبقات والصفات البشعة بشعبها رجالاً ونساء بهدف سعياً لرسم صورة ذهنية سيئة عن مصر وشعبها من خلال الأعمال الفنية المصورة، وعلى الدولة ألا نسكت على تلك الجريمة النكراء التي تلحق بنا الخزي والعار وعلينا أن نخرج من صمتنا الرهيب والمريب ونزأر في وجه من يلقون على ثوب مصر الأوحال والأدران ونوقع عليهم أشد العقاب.