مقالات عامة

قهوة القادة وفرحة الناس

نور المحمود

الفرق بين الحدث السياسي التقليدي، والحدث السياسي غير التقليدي، هو تلك اللمسة الإنسانية التي تنعكس فرحاً يعبر عنه الناس ويتنافسون على تناقله، فيصير «حدث الساعة» بامتياز.
الكل تطلع بأهمية كبرى إلى زيارة رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي إلى الإمارات أمس، وتابع تفاصيل اللقاء الرسمي. لكن حدثاً آخر لفت أنظار الناس في المساء، حيث تناول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، القهوة مع الرئيس السيسي، في أحد الكافيهات في «ياس مول» بجزيرة ياس. مشى الرجلان ببساطة وسط الناس، جلسا على إحدى الطاولات كأي زبونين، طلبا قائمة الطلبات بينما كاميرات الهواتف النقالة تراقبهما بحب وانبهار من الناس المتواجدين في المكان في تلك الأثناء.
مقاطع الفيديو تلك انتقلت بسرعة البرق عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب تلك اللفتة البسيطة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد بدعوته «الأخ الصديق» عبد الفتاح السيسي لشرب القهوة والدردشة في مكان عام، وعلى مرأى من الناس.
لماذا ينعكس هذا اللقاء المسائي فرحاً عبر التغريدات وتعليقات الناس من مختلف الجنسيات، خصوصاً الإماراتية والمصرية والجاليات العربية الموجودة في الإمارات؟ لأن الناس يستشعرون ويفهمون إشارات الود والوئام من خلال حركات وتحركات القادة والرؤساء والزعماء. ينتظرون دلالات الوفاق ليزدادوا إحساساً بالأمان والطمأنينة، وليعبروا بدورهم عن حبهم لبلادهم ولأمتهم.
تلك الإشارات الخارجة عن المألوف، هي رسائل سياسية واضحة، ليس الهدف منها التقرب من العامّة ، ولا التعبير عن البساطة في التعامل وكسر الحواجز بين رأس الهرم والقاعدة، بين القادة والشعوب فقط، بل يضاف إليها لغة ثالثة تحكي عن تقارب في الفكر، وأخوّة وصداقة متينة بين الدولتين، ورباط وثيق وثقة متبادلة وتوافق بين الزعماء. وما أحوجنا اليوم إلى هذه الدلالات والإشارات واللغة السياسية المترجمة فعلياً على أرض الواقع، التي تفك قيود البروتوكولات لتصل إلى قلوب الناس فيزدادون بدورهم ثقة واطمئناناً، وإحساساً بالأمان.
هذا الإحساس بالأمان، الذي يلمسه الجميع على أرض الإمارات، يسمح لرئيس وقائد بأن ينتقل ببساطة ويقود سيارته بنفسه في الشوارع، ويفاجئ الناس في مركز تجاري في وضح النهار أو في المساء ليجلس كما كل الزبائن يأكل بلا قلق، وهو ما عودنا عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي يفاجئ الناس في الأماكن العامة ويتحدث إليهم ببساطة القائد الواثق من نفسه ومن حب الناس له.
بلا أي شكليات ورسميات. «قهوة» محمد بن زايد والسيسي، إشارة أمان، أشعلت مواقع التواصل، ووصلت إلى كل القلوب.

noorlmahmoud17@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى