قوى أمريكية تحبط التطبيع مع روسيا
فينيان كانينجهام*
إنه لتناقض صارخ بين تصريحات المرشح للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، التي عبر فيها مراراً عن رغبته في إعادة بناء علاقات ودية مع روسيا، والواقع الراهن للعلاقات الشديدة الفتور، بل العدائية، بين الولايات المتحدة وروسيا.
بعد سنة من تنصيب ترامب رئيساً، يبين الواقع أن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا قد تدهورت، بالرغم من تأكيد الرئيس الأمريكي المتكرر لعلاقات أفضل بين القوتين.
وقد قال ترامب إن تعاون الولايات المتحدة مع روسيا يجب أن يكون «ذخراً». وكثيرون عبر العالم، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة، يتفقون مع هذا الموقف. إذاً، لماذا لم تتحول هذه الرغبة إلى سياسة فعلية ؟.
العلاقات الأمريكية – الروسية اليوم ليست في حالة جمود فحسب، بل هي تسوء أكثر فأكثر، حيث صادرت السلطات الأمريكية ممتلكات دبلوماسية روسية في الولايات المتحدة، وفرضت قيوداً على عمل وسائل إعلام روسية، ووسعت العقوبات على مصالح ورجال أعمال روس. وبطبيعة الحال، ردت روسيا بالمثل. وكل ذلك فاقم الخصومة.
وموافقة الإدارة الأمريكية على تزويد أوكرانيا بأسلحة فتاكة رغم مناشدات موسكو بألا تفعل ذلك، وبروز سياسة أمريكية لتجزئة سوريا عن طريق وجود عسكري أمريكي في هذا البلد، هما دليلان إضافيان على تدهور العلاقات واحتدام العداء بين واشنطن وموسكو.
وهذا يثير أسئلة مقلقة حول حدود سلطة الرئاسة الأمريكية في تطبيق سياسات معلنة. وأحد العراقيل الكبرى التي واجهتها إدارة ترامب في تطبيق سياساتها المعلنة هو ما سمي «فضيحة روسيا – جيت»، أي اتهام روسيا بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2016. إذ إن الخصوم السياسيين لترامب داخل المؤسسة الاستخباراتية، وبين السياسيين الديمقراطيين، وفي أوساط وسائل الإعلام الرئيسية، فرضوا جميعاً على الرأي العام الأمريكي خطاباً معادياً لروسيا شمل حتى الزعم بأن ترامب استفاد من التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية.
وقد رفض ترامب هذه المزاعم باعتبارها «أنباء زائفة»، ومع ذلك فإن الحملة الإعلامية المعادية للرئيس ترامب داخل أمريكا ضيقت خياراته في ما يتعلق بالعلاقات مع روسيا.
وعندما التقى ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين لأول مرة، خلال قمة العشرين في هامبورج (ألمانيا) في يوليو/ تموز الماضي، رحب كل من الزعيمين بالآخر بصورة ودية. ولكن ذلك أثار تعليقات سلبية في وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية ذهب بعضها إلى حد القول إن «بوتين تلاعب بترامب».
وخلال ذلك اللقاء، اتفق الرئيسان على العمل لإنهاء الحرب السورية بسرعة، وكذلك العمل معاً من أجل حل تفاوضي للأزمة الأوكرانية. ولكن السياسة الأمريكية منذ ذلك الحين أصبحت في الواقع أكثر تهديداً لسوريا مع الإعلان مؤخراً عن تشكيل «قوة أمنية حدودية» تضم 30 ألف مقاتل. وقد دفع ذلك وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى الإعراب عن اعتقاده بأن واشنطن تنوي الآن تقسيم سوريا.
إن ما يرثى له هو أن الهستيريا المعادية لروسيا في الولايات المتحدة كان لها تأثير سلبي على أي محاولة لتطبيع العلاقات الأمريكية – الروسية. وما سمي ب «فضيحة روسيا – جيت» يثير السخرية، حيث إن خصوم ترامب السياسيين لفقوا هذه القضية وتمكنوا بالفعل من التأثير في سياسات إدارة ترامب.
للأسف، إن التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا لن تسمح به قوى نافذة داخل أمريكا، تعمل لعرقلة أي محاولة لإقامة علاقات طبيعية وودية بين البلدين.
*صحفي وكاتب إيرلندي شمالي يكتب حول الشؤون الدولية – موقع «إنفورميشن كليرينج هاوس»