كوريا.. عناق الخصوم

يونس السيد
ما فرقته السياسة جمعته الرياضة.. هذا ما نطقت به دورة الألعاب الشتوية التي أقيمت في بيونج تشانج في كوريا الجنوبية، عندما جمعت بين الخصوم على أرض ملعب أطلق عليه «ملعب السلام» وفي مقصورة حفل الافتتاح، في مشهد مغاير تماماً لما كان يحدث قبل عدة أسابيع أو أشهر، حينما وضعت الأزمة بين الكوريتين العالم بأسره على شفير حرب نووية.
مشهد الفريق الكوري الموحد من الشمال والجنوب الذي ظهر تحت يافطة كوريا، ووجود شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم يو جونج، وهي الزيارة الأولى لأفراد من العائلة الحاكمة في بيونج يانج إلى كوريا الجنوبية منذ انتهاء الحرب الكورية عام 1953، على بعد خطوات من نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، والمصافحة بينها وبين الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، والدعوة التي نقلتها إليه من شقيقها كيم جونج أون لزيارة كوريا الشمالية في أقرب وقت، كلها تشي بأن ثمة شيئاً ما يتغير على الأرض بسرعة كبيرة، وإن كانت دهاليز السياسة لا تزال تخبئ الشيء الكثير، وإمكانية جلب السلام إلى تلك المنطقة تبدو طويلة ومعقدة وإن كانت ليست مستحيلة.
فمسألة نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية وإعادة توحيد الكوريتين ليست سهلة على الإطلاق، وتقف وراءهما معادلات وإرادات دولية قد لا تسمح بتحقيقهما على الإطلاق، لكن من الممكن أن تكون الرياضة وما يجري على هامشها من مفاوضات سياسية سبباً في إحداث نوع من التقارب ونزع فتيل أو تخفيف حدة التوتر كما هو الحال بين الكوريتين.
وهنا يتساءل الكثيرون عن موقف واشنطن، وما إذا كانت بعيدة عما يدور بين الكوريتين، إذ من المرجح أن هناك تفهماً أمريكياً لهذا النوع من التقارب، وقد سبق لواشنطن أن خففت من حدة التهديدات والشتائم المتبادلة مع بيونج يانج، بعد تصعيد مخيف كاد أن يؤدي إلى انفجار حرب نووية. غير أن السؤال هو ما إذا كانت واشنطن ستسمح للخصوم في الكوريتين بالذهاب بعيداً إلى حد العناق بدل المواجهة.
ربما تكون واشنطن قد أدركت أن المزيد من التصعيد والضغوط وممارسة سياسة حافة الهاوية، قد تدفع الخصوم إلى اللقاء وربما العناق، كما يشير وليامز بيري وزير الدفاع الأمريكي في عهد بيل كلينتون، لافتاً إلى أن الاستراتيجية الدفاعية الجديدة التي صنفت روسيا والصين كعدوين تدفعهما إلى اللقاء والتوحد في مواجهة أمريكا. وبما أن العالم النووي بات متعدد الأقطاب، فإن أي حسابات سياسية خاطئة قد تضع الاستقرار العالمي في مهب الريح.
younis898@yahoo.com