لجنة التحكيم الخاصة بك
شيماء المرزوقي
عند إنجاز العمل والانتهاء منه، يرتكب العديد من الناس خطأ يترتب عليه نتائج تؤثر على أعمالهم المستقبلية وتحد من إبداعهم، يقوم بعضهم بعد الانتهاء من عمل ما، بعرضه على المقربين منهم، ليسمع آراءهم ووجهات نظرهم حول هذا العمل، إن هذا الفعل رائع، وينم عن ثقة في النفس، كما يدل على ذكاء، فما الذي يحسّن الأعمال ويطورها ويصلح عيوبها غير النقد البناء؟!
لكن ذلك ليس هو الخطأ الذي أتحدث عنه بالطبع، بل الخطأ يكمن دوماً في اختيار الأشخاص الذين تعرض عليهم ذلك العمل، للمزيد من التوضيح ولتقريب الفكرة.. فبعض الأدباء في عالم التأليف لديهم هذه العادة، وهي عرض منجزاتهم الأدبية قبل نشرها للمقربين منهم لقراءتها ونقدها، وهناك من يقوم بنشرها أولاً على مدونته أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وينتظر الآراء الناقدة. من الجيد مشاركة الأعمال في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لا تعتبر الردود والانتقادات التي تصلك صحيحة مئة في المئة، أو يجب عليك الإصغاء لها، بل قد تكون تلك الكلمات النقدية في غير موضعها، ومن أناس ليسوا أهلاً لهذا الشرف، حتى المقربون منك ممن اخترتهم، هم محبون وأوفياء، لكنهم يفتقرون لفهم معنى تذوق النص ومهارة الحكم عليه، وبالتالي قد تكون آراؤهم ووجهات نظرهم كارثة عليك وعلى منجزك.
بشكل عام، الحصول على النصائح قد يفيد في تحسين عملك وكشف عيوبه، ولكن ليس في جميع الحالات، أتذكر موضوعاً قرأته عن قصة قام بتأليفها ريتشارد باخ، كانت تتكون من عشرة آلاف كلمة، وتتناول طائر النورس المحلق، وتحمل عنوان «Jonathan Livingston Seagull
»، وتم رفض هذه القصة من قبل حوالي 18 ناشراً، قبل أن يقوم ماكميلان بنشرها عام 1970، ومع قدوم عام 1975 بيع منها أكثر من 7 ملايين نسخة في أمريكا فقط.
على الأرجح أن آراء الناشرين لم تكن مبنية على مدى جمال ذلك المنجز الأدبي، بل كانت مبنية على عوامل أخرى، ويمكن وضع هذه القصة مقياساً على جميع الأعمال في حياتك اليومية، ليس بالضرورة أن يكون حكم الناس عليها حيادياً أو عادلاً، لذلك لا تجعل الناس لجنة التحكيم دوماً، بل اجعل لديك لجنة تحكيم خاصة بك، وثق بأعمالك ومنجزاتك وتحمس لها، لكن دون تعصب أو تفاخر، وإن لم يكن الناس عادلين وحياديين في الحكم على جهدك وتعبك ومنجزك فاجعل نفسك عادلة وحيادية.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com