مقالات عامة

مؤامرة على غزة

علي قباجه

محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله والوفد المرافق له في غزة، تحمل في طياتها مؤامرة جلية حيكت بإحكام لإدخال البيت الفلسطيني مجدداً في حالة صراع، وجاءت لبثّ روح الفرقة وإشعال فتيل الاقتتال. وهذه المحاولة لا شك أنها تحمل بصمات «إسرائيل» التي تتقصد الإيقاع بغزة ولو كان التنفيذ بأيدٍ فلسطينية.
فالمستفيد الأول والأخير من هذا الفعل الخطير هو الاحتلال الذي يحاول استخدام مكره في تعميق الحصار على القطاع ودفع حكومة الوفاق إلى عزله بصفته إقليماً متمرداً، وضرب الفلسطينيين مع بعضهم مستغلاً المشاحنات بين «حماس» التي لا تزال تسيطر أمنياً على القطاع، والسلطة التي تطالب بالتمكين لها، ولجأ إلى هذا الأسلوب بعد فشل محاولاته في جر المقاومة إلى حرب بفعل ضبط النفس الذي اتبعته الفصائل رغم التصعيد «الإسرائيلي» المتفاقم.
ومع هذا المنعطف الخطير لا بد على الفلسطينيين إفشال هذا المخطط، وذلك بضبط النفس وعدم كيل الاتهامات أو مباشرة التغطيات الإعلامية الانقسامية وسوق التهم دون دليل. فهذا ما يسعى خلفه الاحتلال، فالأولى في هذه المرحلة هو تشكيل لجان تحقيق لضبط المنفذين وتوجيه أصابع الاتهام ل«إسرائيل»، فالجرائم ليست غريبة عليها، والأمثلة كثيرة.
انجرار بعض الفئات والقيادات إلى المناكفات وإلقاء التهم جزافاً يحرف اتجاه البوصلة، ويعمق التوتر، ويزيد من حالات الاحتقان، ومن هذا المنطلق، على القيادات الفلسطينية الوازنة العمل ضمن إطار المؤسساتية ومنع أي مسؤول التطاول أو التصريح دون علم وقبل صدور نتائج التحقيقات.
ورغم هذه الجريمة، إلاّ أن الرد الحقيقي عليها يكون بتكثيف الزيارات لغزة، والإصرار على رفع الحصار عنه، والاتجاه بشكل حقيقي لإنجاح المصالحة، فهذا كفيل بتحطيم كل المؤامرات الساعية إلى قتل غزة وعزلها، فالقطاع يحتاج إلى كل الدعم الممكن، فظروفه وصلت حد الانهيار، من اقتصاد محطم وفقر مدقع، ومعابر مغلقة، وكهرباء مقطوعة، ومياه غير متوفرة.
التحديات كثيرة، و«إسرائيل» لن تكتفي بجريمتها هذه وستسعى بكل طاقتها إلى تكرار هذا الفعل، فلا بد من توحيد الجهود لإدانتها وفضح أدوارها السيئة، وتعزيز الروح الوطنية لدى الشعب الفلسطيني ورفع وتيرة المقاومة للاحتلال، ووقف كل الاتصالات معها على كل الأصعدة.
فلابد من الاحتكام للحكمة في إدارة الصراع مع الاحتلال، والتنبه إلى مكائده، وتعزيز جبهة الرفض له، وعدم الانجرار لما يسعى عليه، وتعزيز صمود القطاع.

aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى