قضايا ودراسات

مريم محمد الصيري

ما أصعب أن يأتيك الفجر محملاً بالفقد، يُنبئك برحيل جزء منك، من تكوينك وذاتك، سقوط غصن من أغصان شجرتك.. انكسار ضلع من ضلوعك.. توقف نبض من نبضات قلبك.
غياب عيون كنت تبصر من خلالها أهلك وذويك وناسك.. فؤاد ينبض لك.. انفراط صفحة من صفحات عمرك إلى غير رجعة.. كم كان صعباً ذلك الفجر الذي جاء محملاً بالعزاء.. معلنًا رحيلك يا «مريم محمد الصيري» يا حبة القلب، وبقية الأهل والعشيرة.
كل الجروح تبرأ إلاّ جرح الروح، حتى جرح القلب يلتئم عليه مع مرور الأيام، إلاّ الروح فجرحها عصي على الالتئام، يبقى وجعه ينز حزناً وألماً، يتجدد مع كل فراق.. مع كل وداع أبدي.. يُخرج كل أسماء الأحبة من سكونها الأبدي.. تمر بك كل الأسماء والشخوص.. تجتمع عليك من كل صوب عند فراق كل حبيب.. وكأنها تحتفل باستقباله في دار البقاء، وتشعل حزنك وأنت في دار الفناء.
أودعك يا «مريم» بحرقة قلب وحزن قبيلة وروح عليلة.. لست مجرد ابنة خالة فأنت الأخت والأم والصلة الواصلة الوشيجة.
أول صورة لي كانت بين يديها.. حلم كأنه غيمة من أسئلة تأبى إلاّ الخروج دفعة واحدة.. تجعل القلب ينفطر والروح تتلعثم.. فما الذي بقي منا من شجرتنا الكبيرة وظلنا الظليل.. غاب الكبار الذين نستظل أفياءهم.. غابت السكينة.. غاب طعم الطمأنينة.. غاب جزء من حضورنا ووجودنا وفقدنا من الذاكرة ما لا نستطيع تعويضه.
ليس أمامنا إلاّ الإيمان بقضاء الله وقدره.. وعزاؤنا أنه فراق دنيا وغياب عن أيامها.. ولقاء في جنة عرضها السماوات والأرض بإذن الله الواحد الأحد.
لها رضوان الله وعفوه ومغفرته ومسكن في جنة خلده ولنا الصبر والسلوان.

إبراهيم الهاشمي
ibrahimroh@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى