مصلحتنا أن ندخر
ابن الديرة
شراهة الاستهلاك، تعد آفة اجتماعية تضر الاقتصاد الوطني للدول ولا تخدمه، فإلى جانب إسهام زيادة الطلب على المنتجات في رفع أسعارها؛ نتيجة اختلال ميزان العرض والطلب، فإن زيادة استهلاكها؛ يُحتم تعويض الكميات المفقودة؛ بالاستيراد من بلاد المنشأ، بكل ما يكلفه ذلك من عملة صعبة؛ تدفع ثمناً لتلك المنتجات ونقلها وتخزينها، إضافة إلى كلفة تسويقها محلياً، رغم أنها لا تكون مهمة واستراتيجية على الأغلب.
والاستهلاك الزائد على الحاجة يؤثر في ميزانيات الأسر محدودة ومتوسطة الدخل، وبالتالي مستوى ونمط معيشتها؛ لأنها ستجد نفسها تنفق أحياناً على كماليات وزوائد يمكن الاستغناء عنها بسهولة، وتجد صعوبات في الحصول على احتياجات أساسية قد يكون من الصعوبة بمكان اعتبارها غير ضرورية أو يمكن لأفراد الأسرة أن يسقطوها من حساباتهم.
ولأن ميزانيات الأسر- غالباً- ما تكون في أيدي السيدات؛ فإن وعي المرأة بضرورة الادخار وعدم الإسراف، والإنفاق العقلاني المرشد، بات محور الاهتمام الصحيح والموفق من قبل بعض الجهات الرسمية والمنظمات الاجتماعية، التي تلعب أدواراً مهمة على الصعيد المجتمعي، خاصة مع بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة مطلع الشهر المقبل.
«الاتحاد النسائي العام»، أطلق بالتعاون مع «مركز دبي للإحصاء»، والهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، مسحاً استطلاعياً خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، يستهدف التعرف إلى وعي المرأة الإماراتية بأهمية الادخار وترشيد الاستهلاك، بناء على التوجيهات الرشيدة لقيادة الدولة، ودعم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية؛ لتعزيز دور المرأة في الاقتصاد، وعملية التنمية المستدامة؛ وباعتبار الادخار عاملاً مهماً في النمو الاقتصادي، والتحكم إلى حد ما في بعض مفرداته والتأثير عليها.
الخلل يكمن- غالباً- في الاستهلاك البذخي، عبر شراء ما لا نحتاج إليه وبكميات زائدة على الحاجة، فتهدر، وفي أحيان كثيرة يكون مستوى الإنفاق غير متناسب مع مستوى الدخل، يزيد عليه ويحيده عن تلبية الضروريات أحياناً لمصلحة الاستهلاك الترفي، الزائد على المتعارف عليه، المظهر الذي يتدثر خلفه بعض الأشخاص؛ ليقال إنه ميسور الحال، وهو غير ذلك تماماً، وفي كل الأحوال، فإن هذا النوع من الاستهلاك يؤثر في مستوى التنمية؛ لأن جزءاً مهماً من الدخل أُنفق في غير محله، بدل أن يستثمر للصالح الوطني، ويكون دعماً إضافياً لمجمل النشاطات الاقتصادية الوطنية.
الادخار نقيض الهدر، وتأكيد القيادة الحكيمة على أهمية التوعية بإيجابياته، يجب أن يكون حافزاً للجميع، وخاصة للمرأة مديرة الميزانية الأسرية، فالتوفير هو نوع من القوة الاقتصادية للمرأة والأسرة وأفرادها، ويعزز من القدرة على مواجهة المفاجآت والتحديات والمتطلبات المعيشية الضرورية الطارئة.
عندما تظهر نتائج المسح، نأمل أن يجد الاهتمام الذي يستحقه، ويناسب أهمية موضوعه على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وتتلقفه الجهات المعنية بيد العناية، وتستخلص نتائجه وتعممها على الجميع، فالفائدة عامة ومشتركة.
ebn-aldeera@alkhaleej.ae