قضايا ودراسات

مضادات سايكولوجية للإرهاب

خيري منصور
من المقاربات النادرة والأقل تداولاً عبر الميديا لظاهرة الإرهاب المقاربة السايكولوجية التي تتجاوز التوصيف، وتثقب القشرة بحثاً عن الجذور.
ومن أهم تلك المقاربات ما يتعلق ببيئة الإرهاب أو المناخات المسمومة التي يبثها وتحمل فيروسه حتى بعد هزيمته، وبهذا المعنى فإن الأخطر من «داعش» هو فقه الدعشنة أو الثقافة التي تتسلل بأساليب ماكرة كأن تستغل السذاجة أو الحاجة لدى بعض الضحايا، وإذا كان هناك ما يُعرف بكنس مسرح الحرب، بعد أن تضع أوزارها، أو إبطال مفعول الألغام التي خلّفتها، فإن الحرب على الإرهاب لها مسرحها أيضاً، وكذلك ألغامها، وهي ليست دائماً من ديناميت، إنها على الأغلب من أفكار يلفّقها اختصاصيون في التضليل واستخدام الحق مطية للباطل.
من هنا كانت المعالجات الأمنية للإرهاب أحد أبعاد الحرب الشاملة عليه، ولا بد من استكمال هذه الحرب بمراحل أخرى، فالأفعى قد تترك في جحرها بيضاً قابلاً للتفقيس حتى بعد موتها، وعلينا ألا نستخف بما يُقال عن تدارك جرائم إرهابية قبل وقوعها، لكن بأساليب أخرى غير التي تستخدمها الأجهزة المختصة في هذا المجال. والتدارك بهذا المعنى هو إنقاذ ضحايا محتملين للإرهاب، قبل أن يتورطوا من خلال الكشف عن الفقه الملفّق واستثمار جهل البعض بمرجعياتهم الدينية، بحيث يصدقون ما يتم تسويقه من أحاييل، لأن فقهاء الدعشنة ومشتقاتها يرتدون أقنعة توهم الآخرين بأنهم ضليعون في العقائد، وهم في الحقيقة أقرب إلى الحواة الذين يدخلون المناديل في أكمام معاطفهم كي تخرج أرانب، وقد تختلف حيل الحواة تبعاً لمجالاتهم. والحواة في المجال الديني بضاعتهم النصوص التي يتلاعبون بها تأويلاً وتقويلاً، بحيث تُلوى أعناقها كي تعترف بما لم تقترف، فماذا أعد المتضررون من الإرهاب لاستئصال ما يعقبه من بيئة حاضنة، وهل يمكن تحقيق ذلك بمعزل عن المقاربات النفسية والفكرية التي تقدم مضادات حيوية ضد الإصابة بهذا الوباء.Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى