مطر نعمة وغيث رحمة
عبدالله الهدية الشحي
وضعت العرب للمطر ما يقارب 179 اسماً ووصفاً، على حسب موسم وقوة سقوطه، منها الرذاذ والقطقط والطل والطش والرش والرطش والديمة والمزنة والهطل والهتان والهتون والتهتان والحيا والودق والجدا والوابل واليعلول والشآبيب، والقائمة تطول ولست في محل حصر هذه الأسماء، فما يعنيني الآن هو المطر بحد ذاته؛ لذا لابد في البدء من الولوج في دلالتَي المطر والغيث، فهناك من يقول بأن المطر يأتي بالنفع أو بالضرر في وقته أو غير وقته، بينما يأتي الغيث من وراء حاجة بالخير، ويغيث من الجدب والمحل والمرض، فقد أكد ابن منظور في كتابه لسان العرب على أنه لا يوجد فرق دلالي بين الغيث والمطر، أما الثعالبي فقد ذكر بأن لفظ المطر لم يرد في القرآن الكريم إلا بدلالة العذاب، وبين هذا وذاك يؤكد الزمخشري أن لفظ مطر تأتي بالخير فنقول مطرت بالخير ولا نقول أمطرت، وهذا ما يؤكده ابن حجر في فتح الباري، الذي يقول في مطرت وأمطرت: مطرت السماء بالرحمة وأمطرت في العذاب.
شهور ونحن نرفع أكف الضراعة إلى المولى، سبحانه وتعالى، بأن يغيثنا برحمته، ويرسل السماء علينا مدراراً، وندعوه سبحانه وتعالى بأن يسقينا الغيث ولا يجعلنا من القانطين؛ لكي تنبت الأرض، وتعم الفرحة على وجوه العباد والبلاد، فتخرج الأرض زينتها، ويفرح الصغار بصوت زخات المطر، وينتعش الكبار برائحة الغيث، نعم كلنا بكل تأكيد نفرح بالمطر، وندعو الله أن يكون سقيا رحمة، وفي حال ازدياد سقوطه الذي لا تحتمله بيئتنا وبنيتها التحتية ندعوه سبحانه بأن يكون حوالينا ولا علينا، ونحن في الحالتين نعيش أقصى درجات وحالات الامتنان للواحد الأحد، أقول هذا وكأني أسكن قلوب الكل، وأشعر بما يشعرون، وأحس بما يحسون بذات الوقت، حين نظن جميعاً، ونحن نعلم بأن بعض الظن إثم، بأن هناك فئة لا تعيش معنا فرحة نزول المطر، خاصة في حال غزارته، فنحن جميعاً نعرفهم حق المعرفة حقاً، ونعم إنهم بعض المقاولين الذين يخشون المطر؛ لأنه يكشف ما صنعوا سراً، ويبين ما كسبت جيوبهم من وراء الغش الذي مارسوه أثناء تنفيذ المشاريع الفردية الخاصة والحكومية العامة جهراً، حسب إرادة ضمائرهم التي سكنها الاحتيال والنصب، واللهم لا تؤاخذنا بما فعلوا.
نزل المطر وانهمر الغيث وعم الإمارات بخيره، فتعانقت أفراح عيد الوطن مع فرح نزوله، وتشابكت الأيادي والسواعد، وتناغمت الجهود المبذولة من قبل جهات الاختصاص في التعامل مع هذه الظروف الجميلة والحالة الرائعة، فكانت تعليمات أجهزة المرور محل اهتمام من الجميع، وكان تعامل دوائر البلديات والمؤسسات الخدمية على مستوى الحدث، فشكراً لكل من ساهم في استمرار الأفراح، وشكراً لكل من تقيد بتعليمات المرور ولم يلقِ بنفسه في التهلكة بمغامرة جنونية، أثناء جريان الأودية واشتداد زخات المطر المصحوبة بالرياح الشديدة، ولكي تستمر أفراحنا، ولكي نرى جمال طبيعة دولتنا ليت الجهات المختصة، كل حسب تخصصه، منع هواة الخروج إلى البر، وأقصد الطائشين منهم، وإن كانوا قلة بعددهم، من الجور بسياراتهم على بذور العشب التي تهيأت لتفرش الأرض بزينتها، ومن رمي المخلفات دون أدنى مسؤولية، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
aaa_alhadiya@hotmail.com