مفاوضات عبثية
فتح العليم الفكي
فشلت أطراف الصراع في جنوب السودان مجدداً في التوصل لاتفاق سلام خلال جولة المفاوضات التنشيطية الثانية التي ترعاها وساطة الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق إفريقيا «إيقاد» والتي استضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أوائل الشهر الجاري.
وأظهرت المفاوضات التي اختتمت يوم الجمعة الماضي أن تحقيق السلام في جنوب السودان لا يزال حلماً بعيد المنال رغم الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي على أطراف النزاع والتي كان آخرها فرض الولايات المتحدة حظر توريد السلاح للبلد الذي يشهد حرباً دامية منذ عام 2013 أدت إلى مقتل وتشريد أكثر من مليون مواطن جنوبي.
وعلى الرغم من أن وساطة «إيقاد» تداركت في هذه الجولة خلل قصر التفاوض في الجولات السابقة على وفدي الحكومة وفصيل المعارضة المسلحة بقيادة رياك مشار بإشراك جماعات المعارضة السلمية ومجموعة السجناء السابقين، إلا أنها لم تسلم من الانتقاد، حيث وصفتها المعارضة بأنها جزء من الأزمة وأنها غير مرتبة وأن المجموعة التي تقود التفاوض الآن جديدة ولا تعرف في كثير من القضايا، ووصفها سياسي جنوبي مخضرم بأنها مضيعة للوقت وتوزيع وهم زائف يباع للجنوبيين.
لقد رفضت حكومة الرئيس سلفا كير التوقيع على إعلان المبادئ الذي أعدته الوساطة ليكون مرجعاً وأساساً للمفاوضات وبررت رفضها بإدخال 28 مادة تنص على معاقبة الأطراف التي تعرقل جهود السلام، كما رفضت مقترح تقاسم السلطة والترتيبات الأمنية.
في المقابل، وقعت المعارضة على الإعلان ورفعت 11 بنداً طلبت من «إيقاد» تضمينها في أي اتفاق سلام، أهمها إبعاد الرئيس كير من الحكومة الانتقالية على أن ترشح الحكومة شخصية مكانه، مستغلة في ذلك موقف الإدارة الأمريكية من كير وإعلانها على لسان مندوبتها في الأمم المتحدة نايكي هايلي أنها فقدت الثقة فيه.
إن مبدأ معاقبة معرقلي السلام بات مطلباً دولياً، وحكومة جوبا برفضها التوقيع على إعلان المبادئ تضع نفسها في مواجهة مع المجتمع الدولي ورغبة شعبها في وقف الحرب.
وفي واقع الأمر، فإن الرئيس كير أصبح بنظر الكثير من القوى الدولية يمثل عائقاً أمام تحقيق سلام مستدام في جنوب السودان، وأنه يتحمل وزر استمرار الحرب وتردي الأوضاع، وأنه لم يقم بما يمليه عليه موقعه في الانتقال بشعب جنوب السودان من الحرب إلى السلام، ومن الفقر إلى الرفاهية، والأدهى من ذلك أنه ومعاونيه متهمون باختلاس وتبديد أموال النفط.
إن الزمن ليس في صالح كير وحكومته، وإن صبر المجتمع الدولي قد بدأ ينفد، ولن يقف مكتوف الأيدي إزاء تسويف ومماطلة جوبا التي لا تظهر حرصاً أو اهتماماً بمعاناة شعبها الذي شردته الحروب والمجاعة.
alzahraapress@yahoo.com