مقالات عامة

نتنياهو الفاسد

علي قباجه

بدأ عهد بنيامين نتنياهو السياسي بالأفول بعد التفاف حبال الفساد حول عنقه، وضغط خصومه عليه، ومطالبته بالاستقالة والتنحي، ما دفعه إلى الدفاع عن نفسه باستماتة ومحاولة استعطاف الرأي العام الداخلي بأنه باق في السلطة حتى انتهاء ولايته، مع الدفع باتجاه براءته رغم سيل الأدلة التي تدينه. ومع التجاذبات الداخلية، كشف نتنياهو أن استهداف الشرطة «الإسرائيلية» له ورفع لائحة اتهام ضده للنائب العام يأتي في سياق حملة مضادة، ومحاولة للتغطية على فساد قيادات كبرى في سلك هذا الجهاز الأمني.
مهاجمة نتنياهو للشرطة ووصف قراراتهم «بالجبنة السويسرية» مليئة بالثغرات، ومجابهته كل الأدلة، شجع حزب «العمل» المعارض بقيادة آفي غاباي على دعوته للاستقالة. ويبدو أن كبرياء نتنياهو المستمد من عقيدته اليمينية المتطرفة سوف يؤدي إلى قتله سياسياً، مع نشر صحيفة «معاريف» لاستطلاع يؤكد أن 60% من «الإسرائيليين» مقتنعين بفساده وطالبوا باعتذاره والاستقالة من منصبه، وقالوا إنهم يخشون أن يجد صعوبة في إدارة دولتهم.
التفاعلات الداخلية في «إسرائيل» تشير بشكل واضح إلى أن نتنياهو يسير على خطى الرئيس «الإسرائيلي» السابق موشيه كتساف الذي حوكم وسجن بتهمة اغتصاب، ورئيس الوزراء السابق ايهود أولمرت الذي سجن بسبب الفساد، فكل الطرق تؤدي إلى انتهاء مستقبله، وقد يكون أقصى طموحه هو البقاء حراًَ وعدم زجه بالمعتقل أو ملاحقة عائلته التي استغلت منصبه في الحصول على هدايا غير مشروعة.
نهاية من الممكن أن تكون مأساوية لرجل سيطرت على مخيلته السلطة واستهوته، وخاض لأجلها حروباً قتلت الآلاف، فكلما تزعزع رصيده قاد حملة إجرامية سواء في غزة أو الضفة. والتخوفات الآن موجودة من أن يسترضي المجتمع الذي بغالبيته متطرف، بحرب في الشمال كما هو متوقع أو بضرب القطاع. ولكن حتى إن فعلها فإن جبهة خصومه في اتساع، وخصوصاً الشرطة التي هاجمها وكشف أستارها، فالعين مسلطة عليه، والاحتلال غير معدم من العنصريين لتنصيب شخص يشبهه في عدائه للعرب، في حال تمت إزالته عن المشهد.
«إسرائيل» كانت تحاول أن تظهر على أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، أو أنها دولة مؤسسات قائمة على العدل، إلا أن الفضائح تنخرها من أعلى هرمها إلى أسفله، وهو ما يكشف زيف ادعاءاتها، فهي فعلياً سلطة قادتها يزجون في السجون بسبب تهم شائنة وفسادهم المالي وابتزازهم للصحافة، ومجتمع قائم على الإفساد، فدويلة تأسست على الدماء والقتل والجريمة الحري بقادتها أن يتصفوا بالإجرام والفساد. ليس نتنياهو من يواجه مصيراً مظلماً بل دويلته كلها، فما بني على باطل فهو باطل، والباطل لا يدوم.

aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى