هذا التكريم.. رسالة لكل أسرة
جواهر بنت محمد القاسمي *
لا يزال لإكليل الشارقة أثره الطيب في المجتمع، وحديثاً متداولاً بين أفراده وعبر حوارات ورسائل تصلني.
لقد فاجأني بالإكليل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في جمع فكري إماراتي وعربي وعالمي خلال افتتاح معرض كتاب الشارقة الدولي السابع والثلاثين، حيث جاء تكريماً من رجل المهمات الصعبة، الذي يطرق باب العالم الإنساني عبر منافذ الفكر والعلم، ويعكس بثقافته وجهده الفكري الصورة الإنسانية لمجتمعنا العربي في المحافل العلمية العالمية، والذي وطّد بها علاقاتٍ قائمة على علوم الإنسان والتاريخ والكون، فأدهشت كل من اطلع من العلماء على هذه الجهود البحثية لما تتضمنه من حقائق ووقائع مهمةٍ يوثقها في كتاباته، تلك الحقائق التي يأبى أن يزيفها بخيال أو بأحداثٍ غيرها حتى وهو يكتب الرواية الأدبية إيماناً منه بأن الحقيقة وحدها التي يجب أن تتكلم لا غير، حتى إن تحول التاريخ وحكاياته إلى عمل أدبي/ مسرح أو رواية.
وكي يصل هذه الحقائق يقطع سبيلاً ليس سهلاً ويتجاوز معوقات ليس من البساطة إزالتها خاصة المعوقات الفكرية التي ترفض الحقيقة أو ترفض أن تذكر، ولكنه رجل تاريخ، يشعر بأنه مسؤول عن كل كلمة وكل حدث وكل قضية طالما أن أطرافها وصلت إلى يده.
وحين تكرمني قامة ثقافية وعلمية بهذا الحجم، فإنه تشريف كبير لي أشكر سموه عليه، وأؤكد أنه تكريم لكل امرأةٍ عملت في فريقنا الذي لا يزال يسعى إلى تحقيق التنمية المثلى للإنسان داخل وخارج البلاد، وما الكلمة التي ذكرها سموه إلا دليلاً على ذلك، حيث أشار بحسه الأدبي وأسلوبه الشعري إلى العمل الإنساني والاجتماعي والثقافي والاقتصادي الذي نعمل من خلاله وضمن فريق متميز على تحقيق رسالتنا التنموية المتضمنة لهذا التنوع.
ثم إن تكريم سموه لي بهذا الإكليل يحمل معنى لابد أن يقرأه كل رجل جيداً، فالمرأة كرامته وعزته وفخره، كلما أعزها وأكرمها ازدادت فخراً برفقتهما في طريق الحياة المشتركة.
وتكريمها وإكرامها يكونان بأبسط المواقف التي تعكس أهميتها في حياته، وتجعلها تشعر أنها فعلاً كائن محوري في أسرته، وعلى المرأة في الجانب الآخر أن تقدّر وجود زوجها وأبنائها في حياتها.
نعم، إن لي قراءة مهمة لهذا التكريم أريد من الجميع أن ينتبه إليها، لعلاقتها بأهم كيان يُبنى به المجتمع المتماسك، فالتكريم رسالة لشقيقنا الرجل الذي يشارك زوجته قيادة أسرته على أُسسٍ من قيم المحبة والتراضي والاحترام، فإكرامها يجعلها تؤدي دورها ومسؤوليتها بما يحقق الحياة المستقرة والآمنة للأسرة، ومواجهة كل ما يمكن أن يعصف بها بفكرٍ وتأنٍ وتأمل، وتصرف يجعلها باقيةً ومؤدية لدورها في حماية المجتمع والارتقاء به، فالانشغال بالمشكلات – يمكن تجاوزها وتقليصها إلى أن تتلاشى- يؤثر على أداء الرجل والمرأة على حد سواء، لأن هناك أفكاراً تعصف بالفرد -زوجاً كان أو زوجة- فتتراجع إمكاناته الذاتية في أداء ما عليه من مسؤوليات حياتية وإنسانية وحتى وظيفية.
عليك -أيها الزوج- أن تكرم هذه السيدة التي تشاركك الحياة، وتشاركك بناء أسرتك والمحافظة على الأبناء والسعي لتوفير ما يحقق لهم الأمان.
وفي المقابل عليك -أيتها الزوجة- أن تكرمي زوجك وتحفظي عهده، وتعيشي انتماءك لأسرة تبنيها معه على الخير.. على الرحمة والمودة والسكينة كما قال الله سبحانه في كتابة العزيز.
إنها رسالتي إلى كل زوج وإلى كل زوجة من منطلق مسؤوليتنا عن هذا المجتمع الذي أردنا أن يكون للأسرة مكانتها في جهودنا لبناء الشخصية المتفردة والفاعلة لكل طفل وشاب.. إننا نعمل ونسعى لتحقيق أفضل العيش لأفراد المجتمع، وعلى الزوج والزوجة أن يسهما في ذلك بتجاوز الإشكالات، والتنازل بعض الشيء من أجل أن تمضي بهما السفينة إلى بر الأمان، وبالتالي تمضي بالمجتمع كله إلى الأمان ذاته.
ما أتمناه هو أن يتفهم الرجل دور زوجته في حياته، فلا حرج من أن يشكر زوجته على الملأ، ويكرمها في محفل وإن كان عائلياً، فهذا يعزز العلاقة بينهما، ويجعل العطاء لدعم أركان الأسرة صادقاً نابعاً من القلب لا مجرد واجب أو عبء لابد من القيام به.
أعود وأقول لصاحب السمو حاكم الشارقة: شكراً على هذا التكريم، وشكراً لأنك حين تكرّمني فإنك تكرّم المرأة في بلادي.
(تنشر بالتزامن مع مجلة مرامي الفصلية)
* رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة