قضايا ودراسات

هل أعداؤنا الأقدمون هم المنقذون؟

د.عبدالعزيز المقالح

سؤال قد يجد إجابته في جملة أو عبارة من أغنية مصرية مشهورة تقول: «اللّي شبكنا يخلصّنا». ويلاحظ أن نشاطاً متواصلاً يتم في عدد من الأقطار العربية المبتلاة بالحروب والاقتتال الداخلي من قبل بعض الدول التي سبق لها أن استعمرت تلك الأقطار وخرجت منها بعد كفاح طويل. والمثال الأقرب يبدو جلياً في ليبيا وإيطاليا.
فالرحلات المكوكية المتتابعة من روما إلى بنغازي أو طرابلس لا تكاد تتوقف من أجل إصلاح الشأن الليبي واكتشاف حل يضع حداً للفوضى والاقتتال. والصورة غير واضحة تماماً لنوع الوساطة وما حمله الوزراء الذين وفدوا إلى روما، لكن ما تناقلته وكالات الأبناء يكشف أن الاهتمام الإيطالي يفوق اهتمام الدول الأوروبية والولايات المتحدة، ويشير إلى خصوصية ذلك الاهتمام.
وهذا ما يجعلنا نتساءل: هل في إمكان العدو القديم أن يتحول إلى منقذ؟ وهل ما يزال في حقيبته من أسرار الخلافات المناطقية ما يمكنه من إدراك منافذ إيجابية لحل المنازعات القائمة على السلطة ووضع حد للصراع الدائر بين عواصم الأقاليم وما ينتج عنه من معاناة للشعب، وما يقدمه من ضحايا في خلافات عبثية ما كان لها أن تأخذ هذا المنحى في بلد متجانس النسيج في انتمائه القومي وتاريخه ووحدته الوطنية؟.
وكيف افتقدت قيادته السياسية الرؤية وصارت بحاجة إلى وسطاء خارجيين تتقدمهم الدولة المستعمرة بما كان لها من تاريخ دموي لا تنساه الأرض إذا ما تناسته الأجيال الجديدة.؟ ولا تدعو هذه الكلمات إلى رفض أية وساطة مخلصة من أي طرف كان، شريطة أن تهدف إلى لم الشمل والحفاظ على ما تبقى من الوحدة الوطنية.
واللافت أن ليبيا ليست وحدها التي يتصدى فيها أعداؤها الأقدمون إلى إصلاح الشأن بين المختلفين والمتصارعين من أبنائها، فهناك دول استعمارية -لا أريد أن أسميها تقوم بالدور نفسه مع أقطار عربية تعاني هي الأخرى المنازعات والحروب، وبين هذه الدول الاستعمارية الناشطة في الوساطات وتقديم الحلول العلنية دولة ما تزال أيدي أبنائها ملطخة بدماء الأبرياء من أبناء الشعوب التي استعمرتها. وخلاصة ما تهدف إليه هذه الإشارات أن توقظ بعض العقول النائمة والتي لم تعد تخجل من أن يقوم الآخر بدورها وتمثيل دور المنقذ وهي قادرة – لو أرادت – أن تكون هذا المنقذ الحقيقي والمطلوب.

abdulazizalmaqaleh@hotmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى