غير مصنفة

هل ازداد عنف اليمين المتطرف في أمريكا؟

وليام باركن*

التغطية الإعلامية المكثفة لمسيرة «اليمين المتطرف» في شارلوتسفيل، وفرجينيا، التي أوقعت ضحايا في أغسطس/آب الماضي، غذت الفكرة التي تقول إن العنف اليميني المتطرف في الولايات المتحدة، كان في عام 2017 يشكل تهديداً متصاعداً وحاداً… ولكن، هل زاد حقاً؟
للإجابة على السؤال السابق وأسئلة أخرى ذات صلة، نواصل العمل على قاعدة البيانات مفتوحة المصدر، التي تدعى «قاعدة بيانات الجريمة المتطرفة». وعلى مدى أكثر من عقد من الزمن ظل معِدّو هذه الدراسة، يتعاونون مع الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والردود على الإرهاب، للقيام بتتبع منتظم للجرائم التي تُرتكب من قبل متطرفين أيديولوجيين في الولايات المتحدة.
لقد ارتكب اليمين المتطرف ثماني هجمات مميتة عام 2017، أودت بحياة تسعة أشخاص، بما في ذلك الهجوم بسيارة في شارلوتسفيل، واستهدفت ثلاث جرائم قتلٍ عمد، أمريكيين من أصل إفريقي، اثنتان في باتون روج، وواحدة في مدينة نيويورك.
ولا يزيد عدد الهجمات في 2017، إلا قليلاً على متوسط عدد جرائم القتل التي ارتكبها اليمين المتطرف بين عامي 1990 و2016، كان هنالك متوسط يقارب 17 ضحية في العام، في السنوات ال 27 الماضية، بالمقارنة مع 7 وفيات في عام 2017.
وإذا لم ندخل ضحايا القتل ال 168، الذين سقطوا في مدينة أوكلاهوما عام 1995 في الحساب، بسبب عدد الإصابات المرتفع بشكل غير عادي، يكون المتوسط حوالي 11 ضحية قتل عمد كل عام منذ 1990 إلى 2016.
وتستثني هذه الأعداد الهجمات المميتة التي ارتكبها متطرفون من اليمين المتطرف، حيث لم يقم دليل على دوافع أيديولوجية. ومن الأمثلة على جرائم القتل العمد، التي لا تكون وراءها دوافع يمينية متطرفة، جريمة مُطلِق النار في مدرسة في مدينة نيو مكسيكو، الذي لا تزال دوافعه غير واضحة. وبطبيعة الحال، تستثني هذه الأعداد أيضاً، المؤامرات النابعة من دوافع أيديولوجية، التي أقدم عليها يمينيون متطرفون، وفشلت أو تم إحباطها.
وما كان فريداً من نوعه بشأن عام 2017، هو أن هنالك المزيد من الأحداث نسبياً، التي كان فيها أناس موجودون، علاوة على الضحايا الجناة، والمزيد من الهجمات على الأجانب. وكان هنالك أيضاً، عدد أكبر من الهجمات بالسكاكين، وكان متوسط أعمار الضحايا والمشتبه بهم، أكبر قليلاً.
وعلى الرغم من أن اليمن المتطرف كان أكثر نشاطاً، كان الجهاديون أكثر فتكاً، على غرار السنوات السابقة. وإضافة إلى ذلك، ارتكب متطرفون يساريون، بمن فيهم القوميون السود، أربع جرائم قتل أوقعت سبع ضحايا، من بينهم شرطيان، كما لا يزال حادثان محتملان آخران قيد التحقيق. ويبدو ذلك تحولاً ربما قد حدث، لأن اليسار المتطرف، ظل حتى السنتين أو الثلاث الماضية، يركز غالباً على تخريب الممتلكات، وتورط في عدد قليل من الهجمات المميتة.
وقد قمنا أيضاً بمقارنة السنوات الأولى للرؤساء الأمريكيين في مناصبهم، لأن المنتقدين ذكروا أن الرئيس دونالد ترامب، أذكى نار هذا العنف. كان عدد جرائم القتل على أيدي اليمين المتطرف عام 2017، نصف العدد الذي ارتكب في السنة الأولى من حكم الرئيس باراك أوباما عام 2009؛ ثمانية مقابل 16 على التوالي. ويبدو في ظاهر الأمر، أن انتخاب أول رئيس أمريكي من أصل إفريقي، ربما يكون قد أوغر صدور اليمين المتطرف، أكثر من انتخاب رئيس يعتبر في نظر البعض متعاطفاً مع مظالمهم.
ومن المثير للاهتمام مع ذلك، أن كلا الرئيسين أوباما وترامب، شهد في السنة الأولى من حكمه، زيادة بنسبة 100% في عدد أحداث القتل عن السنة السابقة.
وثمة سؤال آخر يطرح نفسه: إذا كان عدد هجمات اليمين المتطرف المميتة عام 2017 متوسطاً، فلماذا يسود تصورٌ بوجود زيادة؟
جواباً على ذلك، نقول إن جرائم القتل التي تحركها دوافع أيديولوجية، ليست الطريقة الوحيدة لقياس التطرف. وعلى سبيل المثال، فإن الهجمات المتطرفة الفاشلة وغيرها من النشاطات الإجرامية غير المميتة، مثل الهجمات المتفاقمة، يمكن أن تؤثر على كل من التغطية الإعلامية والخطاب العام، حول عنف اليمين المتطرف.
وبصرف النظر عما تقوله النسب والأعداد، فإن اليمينيين المتطرفين يشكلون تهديداً خطيراً للأقليات العرقية والإثنية والدينية، وغيرها في الولايات المتحدة.

*أستاذ العدالة الجنائية المساعد في جامعة سياتل.
موقع: ذي كنفرسيشن


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى