هل يُصلحُ التدريب؟
شيخة الجابري
قديماً كانوا يرددون المثل القائل: «هل يُصلح العطار ما أفسده الدهر؟»، واليوم نقول: هل يصلح التدريب ما خربته الحياة الجديدة والركون إلى الغرباء في تربية الأبناء، وانشغال الرجال والنساء بحياتهم المرفهة، التي يذهب وقتها بين العمل، ووسائل التواصل التي يقضون في تعبئتها بالفراغ طوال الوقت، أو يحشون أدمغتهم بالأحاديث التي لا وقت لها، فتكون الخسارات كبيرة، الأمر الذي يجعلهم يبحثون عن الملاذ أو المخرج بين مستشار أسري، أومدرب لجلب السعادة والرضا، وترتيب الحياة من جديد؟
والمدرب ذاك الذي يعلمهم كيف يكونون سعداء، هل فكر في يوم ما وأمام فئات مختلفة من البشر بأن السعادة تنبع من الداخل، من عمق الروح والقلب، وأن بضاعته التي يبيعها هي مجرد «تصبيرة» أو مخدّر وقتي سرعان ما سيذهب أدراج الرياح، بعد أن يعودوا إلى الحقيقة والواقع الذي هربوا منه إلى دورة تدريبية؟.
وأولئك النساء أو الرجال الذين يبحثون عن حلول لمشكلاتهم الأسرية مثلاً، لماذا يفعلون ذلك؟ هل لأن مقدرتهم على حلها ضعيفة، وأن ما يلهيهم أهم بكثير من المحافظة على أسرة مستقرة؟ ولمَ أصبحت بعض العلاقات الأسرية هشة؟ ولمَ صار بعضُ الرجال ينظرون إلى خارج بيوتهم، ويقضون أوقاتهم في لهو ٍ يعتبرونه حلالاً لهم يُستقطعُ من أوقات زوجاتهم وأبنائهم؟ ولمَ أصبحت بعض الفتيات أو النساء من الجرأة، ولن أقول الوقاحة، ليتعدّين على حقوق غيرهن من الزوجات الآمنات السعيدات، ورضين بأن يكُنّ «خرّابات بيوت» كما يُقال؟ كيف انسلخ بعضنا من قيمه ومبادئه، وراح يعبث فيما لا يملك، وذاك المملوك لمن لا يملك لمَ خضع وراح وراء مراهقاته ليكتشف فيما بعدُ بشاعة ما فعل، فيروح يبحث عن مدرب أو مستشار أو طبيب يسعفه، وينقذه بحلٍّ مؤقت لمشكلته؟
آباؤنا وأمهاتنا حيث أسّسوا منازلهم، وشكّلوا أسرهم الممتدة لم يذهبوا إلى دورات تدريبية أو يلجؤوا إلى بعض بياعي وهم السعادة، كان لديهم اكتفاء ذاتي، وحصانة قيمية وأخلاقية، وحكمة وصبرٌ عظيم، المرأة تحفظ أسرار بيتها، والرجل يصون أسرته، يضعون الحلول لمشكلاتهم وخلافاتهم دون تدخل خارجي، سوى بعض المشاركة الوالدية في بعض الحالات المستعصية على الحل، بيوتهم كانت قوية، وأسرهم متعاضدة، لا يعانون هشاشة نفسية، ولم يلههم «سناب» و«واتس آب»، ولم تنقذهم دورة تدريبية، فما الذي حدث إذن؟
Qasaed21@gmail.com